تابعنا
دخلت تركيا عالم تكنولوجيا المعلومات في عام 1960، عبر شراء المديرية العامة للطرق التركية أول حاسوب من شركة IBM الأمريكية. كان الغرض من شراء أول حاسوب يحمل الاسم IBM 650 Model I هو إجراء العمليات الحسابية المطلوبة في بناء الطرق بشكل أسرع.

اختُرع أول حاسوب في العالم يزن 30 طناً في أربعينيات القرن الماضي، منذ تلك اللحظة وتكنولوجيا المعلومات و البرمجيات في تطور حتى وصلنا إلى الحواسيب الصغيرة خفيفة الوزن والأكثر تطوراً بحيث يمكن اقتناؤها بكل بساطة داخل حقيبة توضع على الكتف. في الماضي كانت الدول والمؤسسات هي الوحيدة التي بمقدورها شراء هذا الاختراع العجيب نظراً لسعره المرتفع وندرة وجوده وصعوبة التعامل معه، بينما اليوم لا يخلو بيت سواء في مدينة أو قرية نائية من حاسوب، كل ذلك يجعلنا ندرك جيداً مدى تطور تكنولوجيا المعلومات.

كذلك الحال في تركيا فقد دخلت عالم تكنولوجيا المعلومات في عام 1960، عبر شراء المديرية العامة للطرق التركية أول حاسوب من شركة IBM الأمريكية. كان الغرض من شراء أول حاسوب يحمل الاسم IBM 650 Model I هو إجراء العمليات الحسابية المطلوبة في بناء الطرق بشكل أسرع. وكمثال: فقد جرى استخدامه في حساب بناء الطريق السريع ما بين مدينتين Polatlı و Sivrihisar في تركيا، هذا الطريق الذي يبلغ طوله 63 كيلومتراً، في العادة كانت تستغرق الحسابات اللازمة من أجل بنائه من 3 إلى 4 أشهر بالطرق التقليدية، بينما جرت الحسابات من خلال الحاسوب في ساعة واحدة فقط.

حاسوب IBM 650 الذي استُخدم منذ عام 1960 لمدة 12 عاماً في المديرية العامة للطرق التركية، رغم كبر حجمه وحداثته في عالم تكنولوجيا المعلومات في عصره إلا أنه يمتلك القدرة على إجراء 78000 عملية حسابية جمع وطرح، و5000 عملية ضرب في الدقيقة. إضافة إلى إمكانيه كتابته 100 سطر في الدقيقة الواحدة.

هذا الإنجاز غير المألوف من قبل، جعل صناع القرار في تركيا يدركون مدى أهمية هذا المجال، واستثماره في مجالات مختلفة ليعود على تركيا بفوائده المهمة في ذلك الوقت من إمكانية تخفيض التكاليف وتوفير الوقت. حيث جرى شراء ثاني حاسوب من قبل جامعة إسطنبول التقنية (İTÜ)، ومن ثم جامعة الشرق الأوسط التقنية (ODTÜ)، وتبعتهم باقي المؤسسات الحكومية والخاصة مثل: جامعة حجي تبه، معهد الدولة للإحصاء، إيش بنك التركي. ولقد أدخل الحاسوب في إجراءات المستشفيات، وحساب رواتب الموظفين، وإدارة المخازن ، والمحاسبة التجارية وغيرها من المجالات.

مع تطور الوقت والاستثمار في مجال تكنولوجيا المعلومات بدأ الإقبال الجزئي من قبل المواطنين خاصة العاملين في المكاتب والمؤسسات بحيث لم يعد استخدام الحاسوب مقصوراً على المؤسسات الحكومية والأهلية، فقد وصلت نسبة امتلاك الحاسوب بين الأفراد إلى 10% من مجموع المواطنين الأتراك في عام 2001، وزادت هذه النسبة إلى 18% في عام 2005. بينما اليوم وبكل تأكيد من غير المتوقع أن يكون هناك بيت خال من الحاسوب بعد أن أصبح سعره أنسب مقارنة بالماضي، خاصة وأنه قد أصبح اليوم جزءاً لا يتجزأ من مجال التعليم والعمل المكتبي. هذا إلى جانب أن معظم الأفراد في تركيا اليوم يستخدمون الحاسوب إلى جانب الهواتف الذكية، ويتمكنون من الوصول إلى شبكة الإنترنت بكل سهولة، ووفقاً لبحث قد نشر لمعهد الإحصاء التركي للعام 2020، فإن نسبة استخدام الإنترنت في تركيا بين الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 16 حتى 74 عاماً، قد وصلت إلى 79%.

رغم أن تركيا دخلت بشكل متأخر في مجال تكنولوجيا المعلومات مقارنة بالولايات المتحدة الأمريكية والدول الصناعية الأخرى التي دخلت هذا المجال بشكل مبكر، إلا أنها بذلت كل الجهد من أجل التخلي عن التبعية لهذه الدول، فقد قامت بالتصنيع المحلي لأجهزة تكنولوجيا المعلومات مثل شركة كاسبر (Casper) التركية للحواسيب التي تأسست في إسطنبول عام 1991 على يد 3 مهندسين أتراك والتي أصبحت لاحقاً ماركة عالمية في مجال الحواسيب إلى جانب توجه الشركة لتصنيع الهواتف الذكية في السنوات الأخيرة، وشركة تركسال (Turkcell) للاتصالات، وشركة فيستال (Vestel) للكهربائيات التي أيضاً دخلت مجال إنتاج الهواتف الذكية الوطنية خلال السنوات الأخيرة، وشركة جينرال موبايل (General Mobile) التركية للهواتف الذكية التي تأسست في عام 2005.

كذلك المناطق التكنولوجية الحرة التي أنشئت عبر الجامعات التركية بالتعاون مع الشركات المتخصصة في العمل بمجال تكنولوجيا المعلومات، وتدعم الدولة هذه المناطق بحيث تتميز عن غيرها بإعفاء ضريبي جزئي أو كلي وميزات تقنية، وكمثال المنطقة الحرة باسم أوتو تكنوكنت (ODTU Teknokent) الموجودة في أنقرة والتي تأسست كأول منطقة تكنولوجيا مخصصة في العام 2000. فقد وصل حجم تصدير البرمجيات المصنعة من قبل الشركات الموجودة في منطقة أوتو تكنوكنت فقط في عام 2003 إلى 10 ملايين دولار.

بينما اليوم وصل عدد مناطق التكنولوجيا المخصصة في تركيا الفاعلة والتي في قيد الإنشاء إلى 81 منطقة. هذا الإنجاز الذي مضت به تركيا من المهم إحصاء مخرجاته بالأرقام، فعلى سبيل المثال: 69% من البرمجيات المستخدمة في تقنيات المعلومات في تركيا محلية الإنتاج. فقد ساعدت هذه المناطق التكنولوجيا في الرفع من شأن الإنتاج التقني البرمجي في مجال تكنولوجيا المعلومات بدرجة جيدة فلها حصة 14% من مجال تكنولوجيا المعلومات في تركيا. مع هذا التقدم الكبير في البرمجيات إلا أن تركيا تستورد 83٪ من معدات تكنولوجيا المعلومات و 84٪ من معدات تكنولوجيا الاتصالات من الخارج، أي أن الإنتاج المحلي لمعدات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات عبر الشركات التركية المذكورة سابقاً ليس كافياً.

وصل عدد العاملين في مجال تكنولوجيا المعلومات بتركيا إلى 143 ألف عامل، ووصل حجم سوق قطاع تكنولوجيا المعلومات إلى 826 مليار دولار. يبقي نصيب تركيا في مجال تكنولوجيا المعلومات أقل من غيرها من الدول التي بدأت مبكراً في الإنتاج والتركيز في هذا المجال، والذي يبلغ حجم سوقه الإجمالي حول العالم إلى 5 ترليونات دولار. لكن مضي تركيا الحثيث في تطوير هذا المجال بوضع حجر الأساس للشركات التكنولوجية المحلية يبعث بارقة الأمل في تقدم أسرع. فوفقاً لتقرير نشرته مؤسسة توبيساد (TÜBİSAD) التركية في عام 2019، فقد حققت تركيا في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تقدماً بنسبة 14% مقارنة بالعام الذي قبله، بناء على المدخلات الكلية بالليرة التركية.

وخير دليل على التقدم السريع لتركيا في مجال تكنولوجيا المعلومات مخرجات الشركات الوطنية في هذا المجال البرمجيات، بالنظر على سبيل المثال إلى شركة إنتاج الألعاب التقنية شركة ألعاب بيك (Peak Games) التي تأسست في تركيا بالعام 2003 على يد مواطنين أتراك ومحلية التأسيس 100%، استطاعت أن تجلب لتطبيقها الخاص 500 مليون مستخدم من مختلف أنحاء العالم، مما جذب أنظار الشركات الدولية الكبرى إليها، وقد عرضت شركة زاينقا (Zynga) الأمريكية على شركة ألعاب بيك شراءها مقابل 1,8 مليار دولار أمريكي في عام 2020، وجرى إنجاز اتفاق البيع والشراء في العام نفسه. بذلك تكون شركة الألعاب التركية ألعاب بيك قد دخلت قائمة أكثر الشركات قيمة في تاريخ تركيا. هذه الأمثلة وغيرها تدل على سرعة نمو تركيا في مجال تكنولوجيا المعلومات بشركاتها الوطنية وإنتاجها المحلي.

TRT عربي