Cars drive past the King Abdullah Financial District in Riyadh, Saudi Arabia December 18, 2018. REUTERS/Faisal Al Nasser
مركز الملك عبدالله المالي يسعى لاستقطاب الشركات الأجنبية في الرياض

قالت وكالة "بلومبيرغ" إن قرار السعودية الأخير بشأن وقف العقود الحكومية عن الشركات الأجنبية التي لا تتخذ من المملكة مقرا إقليميا لها، يجعل البعض حذرا من الاستثمار هناك.

ومع ذلك، قال عرض حكومي سعودي للمستثمرين أطلعت عليه بلومبيرغ إن المسؤولين يعملون على "حزمة حوافز جذابة" لمركز الملك عبد الله المالي في الرياض، الذي من المقرر أن يصبح منطقة اقتصادية خاصة. 

وتشمل الحوافز إعفاءا لمدة 50 عاما من ضريبة الشركات بنسبة 20 في المئة وتنازلا عن القواعد المتعلقة بنسبة توطين السعوديين لمدة 10 سنوات على الأقل. 

كما تحدث العرض عن الإعفاءات المحتملة للقوانين السعودية بناء على احتياجات المستثمرين ونظام تصاريح عمل أسهل.

وفي وقت سابق هذا الأسبوع، أعلنت السعودية أنها ستوقف تعاملها مع شركات أجنبية تقيم مكاتب إقليمية لها خارج المملكة وذلك اعتبارا من العام 2024، في خطوة تهدف إلى تعزيز الاستثمار بعد ارتفاع معدّل البطالة، وفق وكالة الأنباء السعودية "واس".

وأوردت الوكالة نقلا عن مصدر مسؤول، الإثنين، قوله إن السعودية "عازمة على إيقاف التعاقد مع أي شركة أو مؤسسة تجارية أجنبية لها مقر إقليمي في المنطقة في غير المملكة ابتداء من 2024/1/1".

وتابع المسؤول أن التدبير يشمل "الهيئات والمؤسسات والصناديق التابعة للحكومة أو أي من أجهزتها".

وأشار موقع بلومبيرغ إلى أن التكاليف التي بلغت ملايين الدولارات والتغييرات المفاجئة في السياسة والأحكام القانونية التعسفية تعني أن الشركات ستحتاج إلى تقييم مخاطر الانتقال إلى السعودية، على الرغم من المكافآت المحتملة التي وعد بها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان المتعلقة بالإصلاح الاقتصادي.

ولم تقدم السعودية تفاصيل كثيرة مما أدى إلى نوع من عدم اليقين، إذ يقول كثير من التنفيذيين الإقليميين إنه يعقد تعاملاتهم مع أكبر مصدر للنفط في العالم.

قال بعض رجال الأعمال إن السعودية عملاق نائم يستيقظ، بسوق استهلاكي يبلغ ثلاثة أضعاف حجم الإمارات، ومشاريع ضخمة مخططة بمئات المليارات من الدولارات ومجتمع شاب سريع التغير لا يمكن التعرف عليه تقريبا من مملكة شديدة المحافظة منذ 5 سنوات.

لكن أحد المديرين في شركة متعددة الجنسيات يقع مقرها الرئيسي في دبي، مركز الأعمال الرئيسي في الخليج، قال إن الشركات تعرف أن المد السياسي يمكن أن يتحول بسرعة في السعودية. 

وأضاف المدير الذي لم يكشف عن هويته، أن عدم وجود ملاذ قانوني لديهم يجعلهم عرضة للخطر؛ لأن معظم العقود تأتي عن طريق الدولة، لذا من الصعب مطاردة الأموال غير المدفوعة. 

ونظرت الشركات في الغالب إلى ما وراء اعتقالات السعودية لرجال الأعمال وأفراد العائلة المالكة فيما وصفته بحملة على الفساد، وقتل الصحافي جمال خاشقجي في عام 2018. فضلا عن التحولات المفاجئة مثل مضاعفة ضريبة القيمة المضافة 3 مرات تخلق حالة من عدم اليقين.

في المقابل، يشعر المسؤولون السعوديون بالإحباط من الاستشاريين والمديرين التنفيذيين العاملين في المشاريع السعودية الذين استقروا في دبي، المدينة الموجهة للأعمال والتي تجذب ملايين العمال الأجانب.

وقال محلل شؤون الشرق الأوسط في شركة ستراتفور ورلدفيو، رايان بوهل: "سيكون من الصعب إقناع الشركات متعددة الجنسيات والشركات العملاقة في المنطقة بالانحياز إلى جانب واحد"، وتوقع أن الرياض ستضع استثناءات وتجد طرقا للشركات للعمل في كليهما.

وقال مدير في شركة أغذية عالمية يقع مقرها الإقليمي في دبي إنه بإمكانهم تسمية مركز ثانٍ للشرق الأوسط في الرياض، أو مطالبة الشركاء السعوديين المحليين القيام بذلك تحت أسمائهم. 

من جانبه، قال مسؤول تنفيذي في مجال الإعلانات إن شركتهما ستفتح مكتبا سعوديا لجذب المزيد من الأعمال مع إبقاء دبي قاعدة إقليمية.

إدارة بايدن انخرطت في جهود التطبيع بين السعودية وإسرائيل
إدارة بايدن انخرطت في جهود التطبيع بين السعودية وإسرائيل

تدفع إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، من أجل التوصل إلى صفقة دبلوماسية طويلة الأمد في الأشهر المقبلة، تضغط بموجبها على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، لقبول التزام جديد بإقامة دولة فلسطينية مقابل تطبيع علاقات بلاده مع الرياض، وفقا لما نقلته صحيفة "وول ستريت جورنال"، عن مسؤولين أميركيين وسعوديين، لم تكشف أسماءهم.

وكحوافز للاعتراف بإسرائيل، تقول الصحيفة، إن البيت الأبيض يعرض على الرياض علاقة دفاعية أكثر رسمية مع واشنطن، إضافة إلى مساعدتها في الحصول على طاقة نووية مدنية، والدفع مجددا بمسار إقامة دولة فلسطينية، وهي حزمة من الإجراءات يقول مسؤولون أميركيون للصحيفة، إنهم "في المراحل النهائية من التفاوض عليها".

ويبقى الجهد الذي ترعاه الولايات المتحدة لإسرائيل من أجل صفقة تطبيع تاريخية مع الرياض، الجارة العربية الأقوى لإسرائيل، يمثل "جائزة" طالما سعت إليها إسرائيل، وفقا للصحيفة.

ويقول مسؤولون أميركيون إن الجهود الناجحة التي بذلتها عدة دول لإسقاط الصواريخ والطائرات بدون طيار الإيرانية، السبت، يجب أن توضح لإسرائيل أن أمنها ضد التهديدات القادمة من طهران يمكن تعزيزه من خلال التكامل الوثيق مع السعودية.

وعرقلت الحرب بين حركة حماس وإسرائيل في قطاع غزة التي اندلعت في السابع من أكتوبر، جهودا كانت تقودها الولايات المتحدة بهدف التوصل لاتفاق تطبيع بين إسرائيل والسعودية.

ولم تعترف السعودية بإسرائيل، ولم تنضم لاتفاقيات إبراهيم الموقعة في عام 2020 برعاية أميركية بين إسرائيل وكل من الإمارات والبحرين والسودان والمغرب.

وقبل أسابيع قليلة من اندلاع الحرب في غزة، قال ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز" الأميركية، إن تطبيع السعودية مع إسرائيل "يقترب كل يوم أكثر فأكثر"، فيما أكد نتانياهو، من منبر الأمم المتحدة، أن بلاده على "عتبة" إقامة علاقات مع المملكة الخليجية.

"عقبة" أمام "فرصة بايدن"

وبعد أن أثّرت الحرب على المسار السابق، تقول الصحيفة، إن التوصل لاتفاق تطبيع، يبقى "فرصة" لبايدن من أجل تحقيق انفراجة دبلوماسية كبيرة في منتصف عام الحملة الرئاسية، وهو ما من شأنه أن يوسع اتفاقيات إبراهيم التي أبرمها خصمه الجمهوري والرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، عندما رعت إدارته اتفاقات تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية المذكورة.

لكن إقناع نتانياهو بتبني محادثات بشأن إقامة دولة فلسطينية لا يزال يمثل "عقبة صعبة"، حيث يعارض الأعضاء اليمينيون في حكومته وأطراف إسرائيلية أخرى إقامة دولة للفلسطينيين، خاصة بعد الهجوم الذي وقع في 7 أكتوبر على جنوب إسرائيل، حسبما يكشف مسؤولون أميركيون وإسرائيليون للصحيفة الأميركية.

وعلى الجهة المقابلة، ظلت مسألة إقامة دولة فلسطينية أولوية للقادة السعوديين لعقود من الزمن. وقال كبار دبلوماسييها، إن إيجاد مسار لحل الدولتين سيكون "جزءا من ثمن التطبيع". 

وقال مسؤولون سعوديون، إن الرياض أشارت سرا للولايات المتحدة الآن إلى أنهم قد يقبلون تأكيدات شفهية من إسرائيل بأنها ستشارك في محادثات جديدة بشأن الدولة الفلسطينية لتأمين الأجزاء الأخرى من الصفقة التي تهم الرياض بشكل أكبر.

واعتبر المسؤولون ذاتهم، أن الاتفاق الذي تتوسط فيه الولايات المتحدة قد يساعد إسرائيل أيضا في استراتيجية خروج محتملة من غزة بمجرد انتهاء الصراع. وقد رسمت الولايات المتحدة خطة ما بعد الحرب، من شأنها أن تعتمد على قوات من الدول العربية لتأمين غزة.

لكن العديد من المساهمين العرب المحتملين، يقولون إنهم لن يفكروا في المشاركة دون تحركات علنية من جانب إسرائيل نحو إنشاء دولة فلسطينية، من بين متطلبات أخرى.

واستخدمت الولايات المتحدة حق النقض "الفيتو" ضد مشروع قرار يدعم طلب فلسطين بالحصول على العضوية الكاملة في منظمة الأمم المتحدة، ويقر برفع مجلس الأمن توصية إلى الجمعية العامة بمنحهم العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، فيدانت باتيل، إن هذا الإجراء (تقدم السلطة الفلسطينية بطلب العضوية الكاملة) سابق لأوانه، مضيفا أنه "لن يحقق إقامة الدولة للشعب الفلسطيني".

وتهدف مناقشات الولايات المتحدة مع السعودية حول التطبيع إلى تسوية العديد من القضايا، بما في ذلك الترتيبات الأمنية بين واشنطن والرياض، التي تضم الحصول على مساعدة الولايات المتحدة في إنتاج الطاقة النووية المدنية، والمضي قدما نحو إقامة دولة فلسطينية، والتي قال مسؤولون أميركيون، إنها يجب أن تشمل إصلاح السلطة الفلسطينية.

وقال مسؤولون أميركيون، إن هدفا آخر في هذه المناقشات يتمثل بالحد من نفوذ الصين في المنطقة وعزل إيران بشكل أكبر من خلال ربط الرياض بشكل أوثق بأقرب حليف لواشنطن في المنطقة.

وبالنسبة للسعوديين، فإن الحصول على التزامات دفاعية أكثر وضوحا من الولايات المتحدة يبقى "هدفا هاما".

ووفق ما ذكره مسؤول أميركي لوول ستريت جورنال، تعد مساعدة البنتاغون للرياض في تعزيز دفاعاتها ضد الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية مجالا محتملا للاتفاق، لكن تفاصيل المحادثات حول المساعدة الدفاعية والنووية لم يتم الكشف عنها.