Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رسائل "سياسية" لحفتر خلال عرض عسكري

تعهد بدعم الشارع حال احتجاجه ومراقبون يتوقعون تحركا جديدا من الجيش في أي لحظة

كلمة خليفة حفتر أثارت تساؤلات عن الرسائل التي يريد إيصالها  (أ ف ب)

أثارت كلمة لقائد الجيش الليبي في بنغازي المشير خليفة حفتر جدلاً واسعاً في ليبيا، التي جاءت وسط حشد عسكري كبير ولافت في مدينة سبها، أكبر مدن الجنوب.

وطالب القائد العام للجيش الليبي في بنغازي المشير خليفة حفتر، للمرة الثانية خلال شهر واحد، الشارع بالانتفاض احتجاجاً على الأوضاع السياسية والاقتصادية المتردية، وضد الأجسام التي تتصدر المشهد منذ سنوات طويلة.

شمل العرض العسكري الضخم الذي تليت فيه الكلمة تساؤلات عن الرسائل التي يريد حفتر إيصالها عبره، خصوصاً في هذا التوقيت الذي يعرف توتراً كبيراً بالمشهد السياسي والأمني، على خلفية الاتفاق الموقع أخيراً بين تركيا وحكومة الوحدة في طرابلس، إذ منح للأولى امتيازات جديدة وكبيرة في قطاع الطاقة الليبي، واعترضت عليه قوى إقليمية ومحلية كبرى من بينها قيادة الجيش في بنغازي.

وذهبت بعض الآراء إلى توقع تحرك عسكري جديد من الجيش في أية لحظة، ربما يكون مدعوماً ومؤيداً من قوى خارجية مؤثرة مثل مصر ودول بارزة في الاتحاد الأوروبي لمواجهة التمدد التركي في البلاد، الذي يهدد مصالح كل هذه الأطراف مجتمعة.

بحسب مراقبين، حملت كلمة حفتر وتوقيتها والمكان الذي ألقيت فيه مؤشرات كثيرة ورسائل متعددة، خصوصاً أن ظهور قائد الجيش تكرر في الأيام الماضية، وتحديداً منذ توقيع الاتفاق التركي مع حكومة عبدالحميد الدبيبة في طرابلس، الذي رفضه الجيش وكل حلفائه التقليديين داخل البلاد وخارجها، بعد فترة من الغياب التام.

دعوة إلى انتفاضة شعبية

في كلمته خلال ختام عرض عسكري ضخم للأركان العسكرية التابعة له بمدينة سبها، قال حفتر إن "سبها خط الدفاع عن الهوية الوطنية والأمن القومي، وإن كل المدن تعاني آثار الفشل الحكومي، لكن الجنوب بلغ مرحلة لا تطاق ولم يعد يمكن السكوت عليها".

وأضاف قائد الجيش الليبي أن "حجم الأموال الطائلة التي أنفقتها الحكومات المتعاقبة في 10 سنوات كان بوسعها رفع حال المواطن إلى أعلى المستويات لكنها فشلت في ذلك، والآن لا حل إلا بانتفاضة الشعب ضد العبث السياسي الذي فاقم معاناته وضد المتربعين على السلطة كأنها ميراث لهم، ومن يحملون السلاح خارج الجيش والشرطة، والمعرقلين لبناء الدولة، والداعين إلى الكراهية والبغضاء".

حفتر تعهد بحماية انتفاضة الشارع إذا استجاب له "نعلن من سبها أن القيادة العامة تفتح أبوابها لكل القوى الوطنية في كل الأوقات، ولن تتردد في بذل أقصى ما بوسعها لمساندتها والعمل معها لإنقاذ الوطن، ونعلن جاهزيتنا لحماية الشعب في انتفاضته لتغيير الواقع، وما عليه إلا أن يتقدم لتصدر المشهد وسيجدنا إلى جانبه".

رسائل كثيرة

المحلل السياسي خالد الترجمان اعتبر أن "لقاء المشير خليفة بلقاسم حفتر بالقوات المسلحة والجماهير في مدينة سبها يعد رسالة مهمة للداخل والخارج تؤكد أن القوات المسلحة ما زالت موجودة على الأرض بمختلف المناطق".

وأشار إلى أن "رسالة حفتر تؤكد كذلك أن القوات المسلحة موجودة في الجنوب بقوة حيث دول الطوق، وكما وقف الجيش إلى جانب الشعب الليبي في انتفاضته عامي 2011 و2014، تعهد بالوقوف معهم إذا انتفضوا من جديد اليوم، مع دعوته لجميع القوى الوطنية الليبية إلى الالتفاف حول الجيش الليبي والانضمام إليه لإنقاذ البلاد من الضياع الحقيقي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بينما انتقد عضو المؤتمر العام (البرلمان السابق) محمود عبدالعزيز تلميح حفتر لرغبته في استخدام القوة العسكرية من جديد. وقال إن "حفتر لا يرى أحداً ممن يقفون معه، وأول ما يصل إلى السلطة سيضحي بهم جميعاً".

واعتبر عبد العزيز أن "حكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة وحلفائها قادرون على لجم حفتر، وستخوض المعركة بجدارة في حال كتبت عليها".

وعلق على كلمة حفتر أمام حشد عسكري ضخم في سبها، قائلاً إنه "عندما يتوعد في كلمته بمعركة فاصلة، فهذا دليل جديد على أنه لا يتقن إلا لغة الحرب، وأنه ليس رجل دولة"، متسائلاً "المعركة الفاصلة من أجل من؟ ومع من؟ ألا يكفي حروباً؟".

مقدمة لصدام قادم

وحذر الباحث والأكاديمي صالح الزحاف من "وجود تحشيد وتعبئة تنبئ بصدام قادم قد يقع في أية لحظة سيكون الشعب الليبي ضحيته الأولى".

وأضاف الزحاف "علينا أن نكون حذرين، خصوصاً القيادة العسكرية في المنطقة الشرقية، التي نعول على يقظتها ووطنيتها، كي لا تقع في هذا الصراع الدامي بين القوتين المتصارعتين اليوم في أوكرانيا".

وحمل الباحث والأكاديمي القوى السياسية التي عقدت خلافاتها المشهد المسؤولية عن أي صدام مسلح قد يقع في ليبيا، "مجلس الدولة قفز على السلطة بقوة السلاح، ومجلس النواب انتهت مدته بنصوص صريحة في الدستور وقانون البرلمان ذاته، والمجلسان معاً يتحملان مسؤولية الفشل في التوصل إلى حل لأزمة البلاد".

وطالب بسرعة حل الخلاف حول قانون الانتخابات المنحصر في مسألة ترشح مزدوجي الجنسية والعسكريين لها، قائلاً "دعونا إلى الذهاب نحو استفتاء شعبي، أو ترك الغرفة الدستورية لتقول كلمتها، لكنهم لا يريدون الاتفاق وإخراجنا من هذا المأزق".

ترسيخ الانقسام الحكومي

في سياق آخر، وفي دلالة جديدة على توسع الانقسام المؤسساتي بليبيا أكثر فأكثر، طالب وزير التخطيط والمالية بالحكومة المكلفة من مجلس النواب أسامة حماد، نائب المدير العام لمصلحة الضرائب بتحويل جميع إيرادات المصلحة إلى حسابات الوزارة في المصرف المركزي في بنغازي، بالتنبيه بذلك على جميع الإدارات التابعة له، إضافة إلى عدم تعميم أي قرارات صادرة عن حكومة الوحدة الوطنية.

وفي خطابه إلى نائب المدير العام لمصلحة الضرائب، قال حماد إن "هذا الإجراء يأتي اتساقاً مع الاختصاصات المناطة بوزارة التخطيط والمالية بموجب قانون النظام المالي للدولة ولائحة الموازنة والحسابات والمخازن وتعديلاتهما وقانوني ضرائب الدخل والدمغة في جباية وتحصيل المال العام والحفاظ عليه من الهدر"، بحسب ما نشر المكتب الإعلامي للحكومة.

وقبل يومين حذر حماد "مؤسسات الدولة من مغبة التعاون مع حكومة الوحدة الوطنية الموقتة برئاسة عبدالحميد الدبيبة، باعتبارها (منتهية الولاية)"، واتهمها بـ"صرف أكثر من 160 مليار دينار ليبي (33 مليار دولار أميركي) في مشاريع وهمية غير حقيقية".

كما طالب حماد في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير بـ"إحالة الإيرادات الواردة بقانون الموازنة إلى حسابات وزارة التخطيط والمالية حال إيداعها بحسابات المصرف أولاً بأول، وعدم إحالتها إلى أي أجسام موازية"، داعياً إياه إلى "تنفيذ صحيح القانون".

تجديد الشرعية

نائب رئيس المجلس الانتقالي الليبي السابق عبدالحفيظ غوقة يرى أن مفتاح الحل لإنهاء هذا الانقسام السياسي والحكومي في ليبيا الآن بيد المبعوث الأممي الجديد عبدالله باثيلي، الذي قال إنه "يجب عليه احترام إرادة الليبيين في تجديد الشرعية والذهاب إلى الانتخابات".

وأكد غوقة أن "المسار الذي يريد أن يتبعه باتيلي في شكل مؤتمر وطني جامع أو في شكل ملتقى سياسي جديد ليفضي إلى إنتاج سلطة جديدة يجب أن يراهن على ألا يسند أي من المهام إلى الأسماء الموجودة حالياً، لأن هذه الأسماء لا يمكن أن تقود البلد إلى انتخابات".

المزيد من متابعات