أوكرانيا تريد طائرات مقاتلة «إف- 16».. هولندا تدرس الطلب وتحذير ألماني

بسام عباس

بعد موافقة الدول الغربية على إمداد أوكرانيا بالدبابات، أعربت كييف عن رغبتها في حصول على طائرات مقاتلة.. فهل ستحصل عليها؟


ما إن حصلت أوكرانيا على تعهدات غربية بتقديم دبابات قتال حديثة، الشهر الماضي، حتى بدأت الضغط للحصول على طائرات مقاتلة.

وقالت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية إن كييف تضغط منذ شهور على حلفائها في حلف شمال الأطلنطي (الناتو) لتزويدها بطائرات غربية، على أن يستبدلوا بها تدريجيًّا طرازات أحدث، وإن كانت أكثر من مجرد مكافئة لمعظم الطائرات الروسية.

مواقف غربية متفاوتة

في تقرير نشرته أمس الخميس 2 فبراير 2023، قالت “فاينانشال تايمز” إن دول الناتو الرئيسة امتنعت عن تزويد أوكرانيا بطائرات مقاتلة، خوفًا من عدم قدرة الطيارين الأوكرانيين على السيطرة عليها بسرعة والحفاظ عليها، ومن أن ترتكب أوكرانيا أفعالًا تستفز روسيا إلى تصعيد الصراع، لافتة إلى أن هذه التقييمات تتغير في بعض العواصم.

ومن جانبه، قال وزير الخارجية الهولندي فوبكه هويكسترا، الشهر الماضي، إن هولندا ستنظر في أي طلبات لإرسال طائرات إف-16 “بعقل منفتح” وإنه لا توجد “محظورات” بشأن الدعم العسكري. وأشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى أنه لا يستبعد إرسال طائرات ميراج المقاتلة.

وقال رئيس ليتوانيا جيتاناس نوسيدا، للتلفزيون المحلي يوم الاثنين الماضي: “يجب تجاوز هذه الخطوط الحمراء، إذا كانت موجودة بالفعل، وأعتقد أنها موجودة فقط في مخيلاتنا”. وشدد مستشار وزير الدفاع الأوكراني، يوري ساك، على أن ما تحتاج إليه بلاده هو “طائرات مقاتلة من الجيل الرابع”.

رفض صريح

أوضحت الصحيفة أن أكبر الداعمين العسكريين لأوكرانيا لم يقتنعوا بمزايا تزويدها بالطائرات، أو أنهم لا يملكون النماذج التي تريدها أوكرانيا، فبريطانيا التي تعد الأوفر حظًا في مجال الدبابات، تعمل فقط على طائرات تايفون وإف -35. وحذر المستشار الألماني أولاف شولتز، من “حرب العطاءات” على الأسلحة الغربية.

ولدى سؤاله عما إذا كانت الولايات المتحدة سترسل طائرات إف-16، رد الرئيس الأمريكي جو بايدن بنحو صريح: “لا”. وتساءل بعض المسؤولين الغربيين عما إذا كانت الطائرات تمثل أولوية، لأن تدريب الطيارين يستغرق 6 أشهر على الأقل، ليس فقط على كيفية تحليق الطائرة، ولكن أيضًا لتشغيل أنظمة الأسلحة.

دور هامشي

أضافت “فاينانشال تايمز” أن أوكرانيا وروسيا لا تسيطران على الأجواء، ولذلك لعب الطيران دورًا هامشيًّا في حرب برية شكلتها المدفعية، فنظام الدفاع الجوي الأوكراني إس-300، المدعوم بصواريخ أرض–جو محمولة، منع الطائرات الروسية من المغامرة بالدخول في المجال الجوي الأوكراني.

ونقلت الصحيفة عن محللين قولهم إن الخطر الكبير بالنسبة إلى أوكرانيا هو أن قوتها الجوية، المكونة من عشرات الطائرات، ميج 29 وسو27 وسو24 وطائرات الهجوم الأرضي سو 25، استنفدها القتال تمامًا، مثل دفاعاتها الجوية التي تعاني نقصًا حادًّا في الذخيرة.

وأضافت أن الطائرات الروسية إذا تمكنت من التحليق فوق أوكرانيا دون التعرض لخطر إسقاطها، سيمكنها استهداف القوات الأوكرانية والمنشآت العسكرية والبنية التحتية الحيوية وتدميرها.

الخيار الأفضل

قال المحلل في المعهد الوطني الأوكراني للدراسات الاستراتيجية، ميكولا بيليسكوف، إن مهمة كييف الأساسية في هذه الحرب هي حرمان روسيا من قدرتها على استخدام طائراتها بحرية في عمق المجال الجوي الأوكراني، وأضاف أن “الطابع المتنازع عليه للمجال الجوي الأوكراني اعتبره الغرب أمرًا مفروغًا منه لفترة طويلة جدًّا”.

وأوضحت الصحيفة أن كييف تفضل طائرة F-16 الأمريكية الصنع، والتي تستخدمها 30 دولة من بينها 8 أعضاء أوروبيين في الناتو، ما يتيح فرصة كبيرة للاستفادة. وسيتعين على الولايات المتحدة إعطاء الإذن لأي دولة ترغب في إرسال طائرات إف-16 إلى أوكرانيا.

وأرجع مستشار وزير الدفاع الأوكراني يوري ساك، السبب وراء كون المقاتلة إف-16 هي الخيار الأفضل، إلى إمكانية استخدامها لتغطية العمليات الأرضية على الخطوط الأمامية، أو استخدامها كجزء من الدفاع الجوي الأوكراني، لأنها فعالة في اعتراض الصواريخ الباليستية التي تستخدمها روسيا لإرهاب أوكرانيا.

هل ستساعد إف-16 أوكرانيا؟

أفاد محللون في المعهد الملكي للخدمات المتحدة للدراسات الأمنية والدفاعية، أن طياري كييف ستكون فرصتهم أفضل مع مقاتلات جريبن السويدية الصنع، وهي طائرة أخف وزنًا وأرخص سعرًا، وأسهل في صيانتها وتشغيلها، لكن يجب شراؤها من الشركة المصنعة، بعد أن توافق السويد، التي تعارض تركيا طلب انضمامها إلى الناتو.

ووفق كبير باحثي القوة الجوية في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، جوستين برونك، يمكن للطائرات المقاتلة الغربية أن تتيح لأوكرانيا قدرات أكبر، إلا أن الدفاعات الجوية الروسية الهائلة ستجبرها على الطيران على مستوى منخفض لتنفيذ مهام الدعم الأرضي، ما يحد من فاعليتها.

وقال طيار أوكراني، يدعى جوس، في مقابلة مع فاينانشال تايمز، إن الطائرة إف-16 لديها أجهزة استشعار حديثة وأسلحة أفضل من أي طائرة في الأسطول الأوكراني، ويمكن استخدامها مع صواريخ ذات مدى أطول من نيران العدو، ما يساعد على مواجهة الطائرات الروسية المتفوقة.

لوكيهد تعلن استعدادها

في تقرير آخر، ذكرت فاينانشال تايمز أن شركة “لوكهيد مارتن” أعلنت استعدادها لتلبية الطلب على طائراتها من طراز إف-16 في ظل توجه الغرب نحو تزويد كييف بطائرات مقاتلة. وصرح كبير مسؤولي العمليات في الشركة، فرانك سانت جون، بوجود محادثات مكثفة حول نقل طرف ثالث لطائرات إف-16.

وأوضحت الصحيفة أن “لوكهيد” لا تشارك مباشرة في المحادثات المتعلقة بتسليم محتمل لطائرة عسكرية إلى كييف. وقال سانت جون إن الشركة ستزيد من إنتاج طائرات إف-16 بما يمنحها القدرة على تزويد أي دولة تتولى عمليات نقل إلى طرف ثالث.

عقبات لوجيستية؟

أوضحت شبكة سي إن إن الأمريكية، في تقرير، أنه سيتعين على المانحين التغلب على عقبات لوجستية كبيرة لتشغيل الطائرات، مضيفة أن نظام إف-16 “معقد للغاية”، وسيحتاج الطيارون الأوكرانيون إلى تدريب مكثف على قيادة الطائرة.

وذكر جاستن برونك أن “هذه طائرات شديدة التعقيد، ومصممة بطريقة مختلفة عن الطائرات التي اعتاد الفنيون الأوكرانيون على تشغيلها وصيانتها”، وأضاف: “اعتمادًا على مدى سرعة تحليق طائرة إف-16، يمكن تدريب الفنيين الأوكرانيين لعدة أشهر، أو يمكن إرسال متعاقدين غربيين إلى أوكرانيا، ما يعرضهم لخطر الهجوم الروسي”.

إرادة سياسية؟

أوضحت “سي إن إن” أن إرسال طائرات F-16 لكييف يحتاج إلى “إرادة سياسية”، وفي حال تغلبها على الدفاعات الجوية الروسية، ستمنح طائرات إف-16 أوكرانيا القدرة على ضرب روسيا بسلاح أمريكي الصنع، بعيدًا عن الخطوط الأمامية.

وأشارت الشبكة إلى الحاجة إلى تحالف دولي أوروبي واسع في حال مد كييف بطائرات إف-16، ما يقلل من “المخاطر السياسية” التي قد تواجه أي دولة بمفردها.

من جانبها، ذكرت فاينانشال تايمز أن البيت الأبيض رفض المطالب الأوكرانية بإرسال طائرات مقاتلة حديثة مثل إف-16، خوفًا من استخدامها لضرب الأراضي الروسية. وأشارت إلى أن واشنطن يجب أن توافق على بيع أو نقل طائرات مقاتلة أمريكية الصنع إلى دولة ثالثة، ما يعني حاجة الدول الأوروبية إلى دعم سياسي من الإدارة الأمريكية.

ربما يعجبك أيضا