زيارة قاآني لبغداد تتوج بالتوافق على الكاظمي

القوى السنية والكردية في البرلمان العراقي تعلن دعمها تشكيل حكومة يرأسها رئيس جهاز المخابرات مصطفى الكاظمي بدلا من عدنان الزرفي المكلف سابقا من قبل الرئيس برهم صالح.

بغداد - أعلنت القوى السنية والكردية في البرلمان العراقي الأربعاء، دعمها تشكيل حكومة يرأسها مصطفى الكاظمي، رئيس جهاز المخابرات بدلا من عدنان الزرفي الذي كلفه الرئيس برهم صالح بتشكيل حكومة كان من المفترض أن تنتهي المهلة الدستورية للتصويت عليها الأسبوع المقبل.
وأعلن تحالف القوى العراقية وهو أكبر تكتل سني في البرلمان (40 مقعدا من أصل 329)، ويتزعمه رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، عن موافقته تعيين الكاظمي على رأس الحكومة الجديدة في تغيير لموقفه الذي دعم في البداية الزرفي.
وأكد تحالف القوى العراقية في بيان "دعمه وتأييده لتوافق الكتل السياسية المعنية (في إشارة إلى القوى الشيعية) على ترشيح مصطفى الكاظمي لتشكيل الحكومة الجديدة".
وأشار إلى "التزامه بوحدة الصف السياسي، من أجل تجاوز المرحلة الصعبة والمخاطر الجمة التي تعاني منها البلاد على المستويات الصحية والأمنية والاقتصادية والسياسية".
وأضاف أنه "يضع باهتماماته أن يكون المرشح لرئاسة الحكومة، يحظى بقبول وتأييد من قوى المكون السياسية المسؤولة عن الترشيح، وأن يتمتع بالقبول على المستوى الوطني".

وبعد ساعات من تغيير القوى السنية موقفها أعلن رئيس إقليم كردستان شمالي العراق، نيجيرفان بارزاني، أيضا دعم ترشيح الكاظمي لتشكيل الحكومة الجديدة.

وقال بارزاني في بيان "نرحب بترشيح مصطفى الكاظمي لمنصب رئيس الوزراء في الحكومة الاتحادية من قبل القوى السياسية للمكون الشيعي".

وأضاف أن "رئاسة إقليم كردستان تؤكد على إيمانها باستقرار العراق السياسي والأمني والعمل الدؤوب من أجله، وهذا يتطلب تشكيل حكومة جديدة بدعم كافة الجهات الوطنية".
ودعا بارزاني جميع الأطراف إلى "دعم الكاظمي للانتهاء من مهام تكليفه وتشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن".

ويحظى الكاظمي حاليا بدعم كتلتي السنة والأكراد (65 مقعداً) إضافة إلى 5 كتل شيعية، تملك 106 مقاعد في البرلمان، بإجمالي 171 مقعدا من أصل 329، ليكون بديلا للزرفي.
وعلى عكس تحالف القوى العراقية الذي كان يدعم في البدء ترشيح الزرفي، تجنبت القوى الكردية في الأيام الماضية التصريح بموقف رسمي واضح من رئيس الوزراء المكلف، لكنها كانت تميل إلى تأييده في الكواليس.

والأحد، أعلنت 5 كتل شيعية هي تحالف الفتح، ودولة القانون، وتيار الحكمة، وكتلة النهج الوطني، وكتلة الفضيلة، رفض الزرفي لتشكيل الحكومة وقدمت اسم الكاظمي كمرشح متفق عليه بداله.

ويأتي هذا التغيير في المواقف من الزرفي بعد أسبوع من زيارة قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، إسماعيل قاآني، العاصمة العراقية بغداد لأول مرة منذ توليه منصبه الجديد خلفا لقاسم سليماني الذي قتل في غارة أميركية قرب مطار بغداد أوائل يناير الماضي.

الزرفي كان مرفو
الكاظمي أهون على طهران من الزرفي 

وقالت مصادر عراقية إن قاآني اضطر للذهاب إلى بغداد لمحاولة لتوحيد القوى السياسية العراقية، بعد معارضة ائتلاف "الفتح" فرص تشكيل الحكومة برئاسة الزرفي.

وقال مسؤول عراقي في وقت سابق لوكالة أسوشييتد بريس إن قاآني أكد في الاجتماعات التي عقدها في بغداد أن إيران لا تريد أن يتولى الزرفي رئاسة الحكومة العراقية.

ونقلت الوكالة عن مسؤول سياسي شيعي رفيع المستوى في العراق طلب عدم الكشف عن اسمه قوله إن "هذا أول اختبار لقاآني بغية التأكد مما إذا كان قادرا على توحيد الموقف الشيعي كما فعله سليماني".

وتأكيدا لذلك كتبت صحيفة الأخبار المقربة من حزب الله اللبناني الذي تدعمه إيران أن قاآني "نجح عمليّا في زيارته الأخيرة لبغداد، موجهاً 'ضربة قاضية' للزرفي ومشروعه".

وأضافت أن "أركان 'البيت الشيعي' رشّحوه (الكاظمي) رئيساً للوزراء بديلاً من المكلّف عدنان الزرفي الذي سقط بضربة إسماعيل قاآني 'القاضية'، مشيرة إلى أن "برهم صالح، بدوره، سيوقّع 'كتاب التكليف' لحظة انسحاب الزرفي 'رسميّاً' من سباق الظفر بمنصب 'حاكم بغداد'."

وكان التناحر التي تعيشه الفصائل الشيعية على السلطة والتجاذبات بين القوى السياسية المقربة من إيران سببا في عرقلة تكليف الزرفي برئاسة الحكومة التي ينتظرها العراقيون منذ أشهر.

وتفاقمت الانشقاقات والشروخ بين الميليشيات العراقية التي تدعمها إيران منذ مقتل سليماني مع القيادي بهيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس بغارة جوية أميركية ببغداد في 3 يناير/ كانون الثاني الماضي.

وكان الاعتراض على الزرفي يعود لتخوف بعض القوى الموالية لإيران من الدعم الأميركي القوي الذي تلقاه.

وكشفت مصادر عراقية أن قبول هذه الأطراف بالكاظمي، يأتي على مضض أيضا فقد رفضت ترشيحه في السابق، بسبب تشدده في موضوع حصر السلاح بيد الدولة في بلد تنتشر فيه الميليشيات الموالية لإيران.

والكاظمي، مستقل لا ينتمي إلى أي حزب سياسي، تسلم منصب رئيس جهاز المخابرات الوطني، في يونيو/حزيران 2016، خلال فترة تولي حيدر العبادي رئاسة الحكومة، ولا يزال يشغل المنصب حتى الآن.
أما الزرفي فقد تم تكليفه في 16 مارس/ آذار الماضي من جانب الرئيس برهم صالح، بعد فشل الأحزاب الشيعية في تقديم مرشح، خلال مهلة دستورية محددة بـ15 يوما، عقب تنحي رئيس الوزراء المكلف السابق محمد توفيق علاوي، لفشله في إقناع السنة والأكراد بدعم تشكيلته الوزارية وبرنامجه الحكومي.
والزرفي قيادي في "تحالف النصر" بزعامة العبادي ومعروف بمواقفه الرافضة للتدخلات الدولية في الشأن العراقي، وبينها التدخلات الإيرانية.
ويشترط لحصول الحكومة على ثقة البرلمان، تصويت الأغلبية المطلقة (50 بالمئة + 1) لعدد الأعضاء الحاضرين (ليس العدد الكلي).

وقالت مصادر عراقية أن الزرفي اشترط في وقت سابق على الكتل الشيعية أن يوقع زعماؤها وثيقة ترشيح الكاظمي لتشكيل الحكومة بدلا عنه، كي يتقدم هو باعتذار إلى الرئيس صالح عن الاستمرار في مهامه.
وأجبر الحراك الشعبي حكومة عادل عبدالمهدي، على تقديم استقالتها مطلع ديسمبر/ كانون الأول 2019، ويُصر المتظاهرون على رحيل ومحاسبة كل الطبقة السياسية المتهمة بالفساد وهدر أموال الدولة، والتي تحكم منذ إسقاط نظام صدام حسين، عام 2003.