الدول العربية, التقارير

حلايب.. 60 عاما من النزاع الحدودي بين مصر والسودان (إطار)

تحول خط عرض 22 شمالا، الذي شكّل قاعدة مثلث "حلايب وشلاتين وأبو رماد"، إلى بؤرة نزاع على السيادة بين مصر والسودان على مدار6 عقود، تجسد أحدث مظاهرها في رفض الخرطوم اعتزام القاهرة التنقيب في سواحل المثلث، المسيطرة عليه، باعتباره يمس السيادة السودانية

25.03.2019 - محدث : 25.03.2019
حلايب..  60 عاما من النزاع الحدودي بين مصر والسودان (إطار)

Istanbul

إسطنبول/ الأناضول-

المثلث المتنازع عليه يُطل على البحر الأحمر ويضم مناطق "حلايب" و"شلاتين" و"أبو رماد" بمساحة نحو 20.5 ألف كم2 
 أسانيد كل طرف: تستند مصر إلى اتفاقية 1899 فيما يستند السودان إلى التقسيم الإداري لعام  1902.
القاهرة رفضت ضم الخرطوم للمثلث ضمن دوائر انتخابية سودانية في 1958.
مصر سيطرت على المثلث عسكريا في 1995 ردا على محاولة اغتيال لمبارك في أديس أبابا اتهمت فيها الخرطوم رغم نفيها.
الخرطوم تجدد شكوى أمام مجلس الأمن سنويا.. والقاهرة ترفض دعوات سودانية إلى تفاوض مباشر أو تحكيم دولي.
الخارجية السودانية استدعت السفير المصري احتجاجا على طرح القاهرة مزايدة للتنقيب عن النفط والغاز في المثلث.
رغم النزاع..الخرطوم والقاهرة عادة ما يؤكدان أن العلاقات المصرية السودانية تاريخية وراسخة

تحول خط عرض 22 شمالا، الذي شكّل قاعدة مثلث "حلايب وشلاتين وأبو رماد"، إلى بؤرة نزاع على السيادة بين مصر والسودان على مدار6 عقود، تجسد أحدث مظاهرها في رفض الخرطوم اعتزام القاهرة التنقيب في سواحل المثلث، المسيطرة عليه، باعتباره يمس السيادة السودانية.

الاحتجاج السوداني، قبل أيام، على التنقيب عن النفط والغاز في البحر الأحمر، أعاد إلى الواجهة نزاعا تاريخيا تقول فيه القاهرة إنها صاحبة السيادة على المثلث، وترد الخرطوم بأنها الأحق به.

يطل المثلث على ساحل البحر الأحمر، على الحدود المصرية السودانية، بمساحة نحو 20.5 ألف كيلومتر مربع، ويضم ثلاث مناطق: حلايب، شلاتين وأبو رماد.

سنويا، يجدد السودان شكواه أمام مجلس الأمن الدولي بشأن المثلث، داعيا إلى تحكيم دولي يتطلب موافقة الدولتين، لكن مصر ترفض، وتؤكد سيادتها على المثلث.

ووفق ما نقلته بيانات رسمية وتقارير صحفية، فإن أبرز نقاط النزاع حول السيادة بشأن المثلث على النحو التالي:-

** 1899 و1902 .. جذور النزاع

حتى أوائل القرن التاسع عشر، كان يُنظر إلى الجارتين كدولة واحدة.

وبضم والي مصر، محمد علي، السودان تحت سلطته السياسية، عام 1820، امتدت حدود مصر السياسية جنوبا، لتضم الإقليم السوداني بأكمله.

وبحكم "اتفاقية السودان"، الموقعة عام 1899 بين مصر وبريطانيا (باعتبارهما قائمتين على الحكم الثنائي في السودان آنذاك)، أُطلق لفظ السودان على جميع الأراضي الواقعة جنوبي دائرة عرض 22 شمالا، وتسند مصر لتلك الاتفاقية في إقرار سيادتها.

بينما السودان يسند لقرار إداري، في عام 1902، بأحقيتها بالمنطقة، حيث أصدر ناظر الداخلية المصري آنذاك، هذا القرار، مستندا لوجود بعض من قبائل لها بعد سوداني بالمنطقة، ولم تعترض مصر على هذا القرار مع استقلال السودان ولم تتحفظ على الحدود.

وترد مصر في السياق ذاته، بأن القرار كان لأبعاد إنسانية لتسيير حياة قاطنين المنطقة، ولا يترتب على إدارة عارضة لفترة أي سيادة، كانت لظروف محددة.

** 1956.. استقلال السودان

تحول خط العرض 22 شمالا إلى حد سياسي دولي بالمعنى القانوني، مع إعلان مصر اعترافها باستقلال السودان، عام 1956.

وبعد عامين من ذلك الحين، يتم فتح ملف النزاع من آن إلى آخر، حيث يطرح كل طرف العديد من حجج وأسانيد قانونية يقول إنها تثبت حقه في السيادة علي المثلث.

** 1958.. اقتراع من طرف واحد

ردا على إدخال الخرطوم المثلث ضمن قانون الدوائر الانتخابية السودانية، بموجب التقسيم الإداري لعام 1902، أقدمت مصر على إرسال قوات إليه، عام 1958، حيث اعتبرت أن القرار السوداني يخالف اتفاقية 1899.

وهو ما رد عليه السودان بإرسال قوات، قبل أن تسحب مصر قواتها، وتكتفي بإرسال مذكرة إلى الأمم المتحدة عن حقها في استعادة المناطق الواقعة تحت الإدارة السودانية، شمال دائرة عرض 22 شمالا.

** 1955.. سيطرة مصرية

دون قيود، استمرت المنطقة مفتوحة أمام حركة التجارة والأفراد من البلدين حتى 1995، حين عاد المثلث للواجهة بإحكام الجيش المصري سيطرته على المثلث.

تلك السيطرة جاءت كرد فعل على محاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق، حسني مبارك (1981: 2011)، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، حيث اتهمت القاهرة الخرطوم بالضلوع فيها، وهو ما نفته الأخيرة.

** 2010.. دائرة انتخابية سودانية

في 2010، اعتمد السودان المنطقة كدائرة انتخابية تابعة لولاية البحر الأحمر، واعتبر سكانها مواطنين سودانيين يحق لهم التصويت، لكن الأمر لم يُنفذ على أرض الواقع.

** 2011.. ثورة في مصر

بعد أشهر من ثورة 2011، التي أطاحت بمبارك، أجريت انتخابات برلمانية مصرية شملت المثلث المتنازع عليه.

وزار الرئيس المصري حينها، محمد مرسي، السودان، في أبريل/ نيسان 2013.

ونقلت وسائل إعلام مصرية عن مسؤولين سودانيين إن مرسي وعد نظيره السوداني، عمر البشير، بـإعادة المنطقة إلى السودان، وهو ما نفته الرئاسة المصرية، آنذاك

في أواخر الشهر ذاته زار رئيس أركان القوات المسلحة المصرية آنذاك، صدقي صبحي، السودان، حاملا رسالة للمسؤولين السودانيين تشدد على "مصرية" المنطقة المتنازع عليها.

** 2014.. خطوة التنقيب المصرية الأولى

للمرة الأولى، تحدثت وزارة البترول المصرية، في أبريل/ نيسان 2014، عن اعتزامها التنقيب عن البترول والغاز في المثلث.

وفي يونيو/ حزيران من العام نفسه، منحت القاهرة شركة حكومية حق التنقيب عن الذهب والمعادن، لتقنين عملية البحث العشوائي.

** 2016.. دعوة لتفاوض مباشر

في أبريل/ نيسان 2016، دعت الخارجية السودانية مصر إلى التفاوض المباشر حول المثلث المتنازع عليه، ملوحة باللجوء إلى تحكيم دولي.

رفضت القاهرة تلك الدعوة، وشددت على سيادتها على المثلث الحدودي.

** 2017.. تعزيز التواجد المصري

في مارس/ آذار 2017، أعلنت اللجنة الفنية لترسيم الحدود بالسودان (حكومية) عن "تكوين لجنة لحسم قضية المثلث"، و"إخراج" المصريين منه بالطرق الدبلوماسية، وذلك بعد تعليقات في وسائل إعلام مصرية اعتبرت الخرطوم أنها تناولت الحضارة السودانية "بشيء الإهانة".

آنذاك اتفقت خارجية البلدين على التعامل بـ"حكمة" مع محاولات "الوقيعة" بين البلدين، إضافة إلى رفض "التجاوزات"، وعقد لقاء وزاري.

وفي أغسطس/ آب 2017، قررت مصر تخصيص نحو ستين مليون دولار، لتنمية المنطقة.

وأواخر 2017، أعلنت القاهرة عزمها إنشاء سد فى منطقة وادي حوضين بشلاتين، للحماية من السيول والاستفادة من مياهها.

وهو ما اعتبر البرلماني السوداني، أحمد عيسى عمر، في تصريحات صحفية آنذاك، أنه يأتي ضمن "محاولات فاشلة لاستمالة المواطنين وإضفاء الطابع المصري عليه (المثلث)".

وللمرة الأولى، نقل التلفزيون المصري، في 29 ديسمبر/ كانون ثانٍ 2017، شعائر صلاة الجمعة من حلايب، وألقى وزير الأوقاف، مختار جمعة، الخطبة.

** 2018.. استدعاء ومذكرة


في يناير/ كانون ثانٍ 2018، غادر السفير السوداني بالقاهرة، عبد المحمود عبد الحليم، مصر، متوجها إلى الخرطوم؛ إثر استدعائه لـ"التشاور"، بعدما جدد السودان شكواه لمجلس الأمن حول المثلث الحدودي.

وقالت الخارجية المصرية آنذاك إنها بصدد "تقييم الموقف لاتخاذ الإجراء المناسب"، وفي هذا الشهر قدمت مذكرة للأمم المتحدة تتضمن نقاط تقر سيادتها على المثلث.

لاحقا، في الشهر ذاته، قال البشير إن القوات السودانية مستعدة لصد ما وصفه بـ"عدوان المتربصين والمتآمربن"، وذلك بعد حديث مساعده، إبراهيم محمود، عن أن السودان يتحسب لتهديدات أمنية من جارتيه مصر وإريتريا.

وهو ما رد عليه الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بأن "مصر لا تتآمر على أحد ولا تتدخل في شؤون الآخرين، ولن تحارب أشقاءها".

وفي نهاية الشهر ذاته، اتفق السيسي والبشير، خلال اجتماع على هامش قمة الاتحاد الإفريقي الثلاثين في إثيوبيا، على تشكيل لجنة وزارية مشتركة، للتعامل مع القضايا الثنائية، وتجاوز جميع العقبات.

وفي 8 فبراير/ شباط 2018، شهدت القاهرة اجتماعا لوزيري خارجية ورئيسي مخابرات البلدين، لتذليل أية عقبات بين البلدين.

وعاد السفير السوداني إلى القاهرة، في مارس/ آذار 2018، لممارسة مهامه.

** 2019.. استدعاء السفير المصري

استدعت الخارجية السودانية، الخميس الماضي، السفير المصري لدى الخرطوم، حسام عيسي؛ احتجاجا على طرح القاهرة مزايدة دولية لاستكشاف النفط والغاز بالبحر الأحمر في أربعة قطاعات بالمثلث المتنازع عليه، وهو ما لم تعقب عليه القاهرة، غير أنها عادة تؤكد سيادتها على المثلث.

وحذر السودان شركات الطاقة الإقليمية والدولية من "المساءلة القانونية"، في حال العمل في القطاعات التي طرحتها مصر للتنقيب في المثلث.

وعادة ما تؤكد الخرطوم والقاهرة في بيانات مستمرة رغم ذلك النزاع على أن العلاقات المصرية السودانية تاريخية وراسخة، وسط تقارب ملحوظ بين البلدين الفترة الأخيرة ونقاش حول تفعيل التعاون على كل المستويات.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın