بعد «تفجير بيشاور».. هل عاد الإرهاب إلى باكستان من جديد؟

عمر رأفت
تفجير دموي يتسبب في مقتل 100 شخص .. هل عاد الإرهاب لباكستان من جديد ؟

على مدار السنوات الـ40 الماضية، عانت بيشاور من النزاعات. وفي الثمانينات، أصبحت نقطة انطلاق للحرب ضد الحكومة الأفغانية الموالية للروس.


أعاد الهجوم الدامي، الذي وقع قبل أيام، بمدينة بيشاور الباكستانية، مخاوف السكان، الذي عانوا، منذ عقد، من العمليات الإرهابية.

وأسفر تفجير انتحاري في مسجد بمدينة بيشاور، شمال غرب باكستان، أول من أمس الاثنين 30 يناير 2023، عن سقوط أكثر من 100 قتيل، ما أدى إلى ذعر وخوف من سكان المدينة، وفق ما أبرزت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، في تقرير نشرته أمس الثلاثاء.

إرهاب لم ينته

في السنوات التي أعقبت عام 2015، عندما طُرد مقاتلو حركة طالبان الباكستانية وغيرهم من المسلحين إلى أفغانستان، ظن سكان المدينة أن العمليات الإرهابية انتهت تمامًا. وأثيرت التساؤلات بشأن قدرة الحكومة في البلاد على محاربة موجة جديدة من الإرهاب، التي تأتي وسط أزمات اقتصادية وسياسية عميقة.

ونقلت الصحيفة الأمريكية عن مسؤولين باكستانيين أن التفجير كان من أكثر الهجمات دموية في البلاد منذ سنوات، وأسفر عن مقتل ما لا يقل عن 101 شخص، وإصابة 217 آخرين. وأشاروا إلى أن العديد من الضحايا كانوا من ضباط الشرطة وموظفي الحكومة، الذين ذهبوا إلى الصلاة في المسجد، الذي استهدفه الهجوم.

وقال المفتش العام لشرطة بيشاور، معظم جاه أنصاري، في وقت سابق، إن الشرطة تشتبه في أن تلك التفجيرات استخدم فيها ما لا يقل عن 12 كيلوجرامًا من المتفجرات. وظهرت لقطات لجدران المسجد المدمرة، مع تهشم النوافذ الزجاجية والألواح في الانفجار القوي، حسب ما ذكرت شبكة سي إن إن، التي قالت إن عمال الطوارئ بحثوا بين الأنقاض، لكنهم لم يعثروا عن أي ناج.

الإرهاب يعود إلى بيشاور

جرى تفسير الهجوم كدليل جديد على أن حركة طالبان، التي أعلن فصيل منها مسؤوليته عن الحادث، تستعيد قوتها تدريجيًّا، خلال الفترة الماضية. وقالت الزميلة في معهد بروكنجز، مديحة أفضل، إن قوة هذا الهجوم أنه استهدف رجال شرطة بمسجد في جزء آمن من مدينة بيشاور، وهو تذكير بانعدام الأمن والعنف، اللذين اجتاحا باكستان قبل عقد من الزمان، وفق نيويورك تايمز.

وقال سائق عربة يد في المدينة، يُدعى أكبر مهمند، 34 عامًا: “لبضع سنوات، شهدت مدينة بيشاور الهدوء والسلام، لكن يبدو أن التفجيرات الانتحارية والإرهاب عاد”. وعلى مدار السنوات الـ40 الماضية، عانت بيشاور من النزاعات. وفي الثمانينات، أصبحت نقطة انطلاق للمقاتلين، الذين يقاتلون ضد الحكومة الأفغانية، المدعومة من الاتحاد السوفيتي.

تشكيل حركة طالبان الباكستانية

بعد أن أطاحت الولايات المتحدة بنظام طالبان في أفغانستان، عام 2001، لجأ الآلاف من مقاتلي الحركة وأعضاء القاعدة إلى ما يُسمى بالمناطق القبلية على طول الحدود. وجند قادة طالبان باكستانيين، لسنوات، وكونوا حركات إرهابية، مثل طالبان الأفغانية، التي ينتمي أعضاؤها للعرق البشتوني، في حين حاولت السلطات العسكرية الباكستانية طرد المسلحين.

وعام 2007، تشكلت حركة طالبان الباكستانية المعروفة بـ”طالبان باكستان” أو “تي تي بي”، وصعدت بسرعة كواحدة من أكثر المنظمات المسلحة دموية في باكستان، ونفذت هجمات في جميع أنحاء البلاد.

أجواء من الذعر وعدم اليقين

خلال ذلك الوقت، أصبحت بيشاور مركز الصراع، وفي واحدة من أكبر هجمات الجماعة الإرهابية، في ديسمبر 2014، قتل مسلحو طالبان 147 طالبًا ومعلمًا في مدرسة عامة يديرها الجيش. وقال الطالب الجامعي، ماجد علي، الذي شارك في عدة احتجاجات: “يعيش الناس في جو من الذعر وعدم اليقين، بسبب تجدد عنف طالبان، لكن الشعب لن يسمح لأي شخص بتدمير السلام في المنطقة”.

ووصفت سي إن إن هذا الهجوم بأنه الدليل الأبرز لتدهور الوضع الأمني في بيشاور، عاصمة ولاية خيبر بختونخوا، المحاذية لأفغانستان، التي تشهد هجمات متكررة من حركة طالبان الباكستانية.

ادعاءات متضاربة

أوضحت الشبكة الأمريكية أنه يوجد ادعاءات متضاربة بشأن المسؤول عن الهجوم، وقال مسؤولا حركة طالبان باكستان، سارباكاف مهمند وعمر مكرم خراساني، في البداية إن الانفجار كان انتقامًا لمقتل خالد خراساني، المتشدد في الحركة، العام الماضي، لكن المتحدث الرئيس باسم طالبان، محمد خراساني، نفى لاحقًا أن تكون الجماعة متورطة.

ونددت جماعات حقوقية بالهجوم، الذي جاء في فترة عصيبة لباكستان، وسط أزمة غلاء معيشية واقتصاد متعثر، تفاقم بسبب الفيضانات المدمرة العام الماضي.

 

ربما يعجبك أيضا