array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 171

فرص استثمارية في الكويت بتكلفة 250 مليار دولار لتحقيق التنويع الاقتصادي

الثلاثاء، 01 آذار/مارس 2022

لماذا الكويت؟ قد يبدو الحديث عن اجتذاب الاستثمارات إلى دولة اشتهرت باستثماراتها الخارجية وكأنه تجديف عكس التيار. وقد تبدو دعوة المستثمرين إلى اقتصاد يمر بتحول عميق وكأنه إبحار في جو كثيف الضباب. ولا أنكر أن شعوراً من هذا القبيل قد راودني عندما استضافني السيد الدكتور عبد العزيز بن عثمان بن صقر مشكوراً على صفحات مجلة " آراء حول الخليج". غير أن مثل هذا الشعور سرعان ما يتبدد، حين نمعن النظر في الظروف والمعطيات والفرص. فالدعوة إلى الاستثمار في الكويت قد تكون حديثة، ولكنها -بالتأكيد -صادقة، واعدة، وفي موعدها الصحيح. وإذا كان في قولي هذا حماس وطني لا أنكره، فإنه -في الوقت ذاته-يستند إلى معطيات ومنجزات ليس من العدل إنكارها. فالبيئة الاستثمارية في الكويت، وإن كانت لا تزال تعيش تطوراً تشريعياً وحداثياً عميقاً، الا أنها أصبحت على درجة من النضوج بحيث تستطيع معاملة الاستثمار الأجنبي على قدم المساواة مع الاستثمار الوطني دون تعقيد أو تمييز. وإذا كانت التكلفة الاقتصادية المرهقة لجائحة كورونا، والتذبذب الحاد في أسعار النفط يضع ضغوطاً ثقيلة على ميزانية الدولة، فقد واكب هذا وذاك تعبئة غير مسبوقة للرؤى والجهود الإصلاحية، تصب جميعها لصالح التخصيص ودعم دور القطاع الخاص وتشجيع مشاريعه، وتجمع كلها على ضرورة تعزيز الإنفاق العام الاستثماري، في إطار رؤية لتوسيع وتنويع القاعدة الإنتاجية. ولست بحاجة أن أقول هنا: إن اقتصاداً يواجه هذا القدر من التحديات، ويعيش مرحلة بهذا الزخم من الحراك، هو اقتصاد يزخر بآفاق واسعة من الفرص. كما أني لست بحاجة إلى أن أذكر بأن العوائد ترتبط بجرأة القرار وريادة الاستثمار. خاصة وأننا نتحدث عن دولة تملك من الاحتياطيات ما يؤهلها لعبور جسر الإصلاح بثقة، وتملك قطاعاً خاصاً مقتدراً مالياً وخبرة وطموحاً. وإذا كانت الكويت تحتل مواقع غير متكافئة مع إمكاناتها في العديد من المؤشرات، فإن هذا يعود -بالدرجة الأولى -إلى أن الرقم الإحصائي الكويتي لا يجامل ولا يتجمل، وإلى أن الديموقراطية الكويتية تتيح من الشفافية ما قد يصل إلى محاسبة الذات بقسوة. خاصة وأن دولة الكويت تتمتع بنظام سياسي دستوري مستقر، ونظام قضائي عادل راسخ ومنفتح، ونظام مصرفي قوي ومتطور وذي حضور عالمي، وسوق مالية نشطة منظمة، وسياسات نقدية حرة. وفوق هذا كله يجد المستثمر الأجنبي في الكويت شركاء ذوي ملاءة مالية وخبرات استثمارية عريضة، وكفاءات إدارية وفنية، وقوة عاملة وطنية مدعومة تكلفتها من الدولة، وقوى عاملة وافدة معتدلة الأجور، وبنية أساسية حديثة متكاملة، ومنطقة حرة فتية. ولا يجهل موقع الكويت الجغرافي المفصلي بين قارات ثلاث وجوار أسواق كبيرة الحجم وعالية القوة الشرائية. وإلى جانب ذلك، تقدم الكويت للمستثمرين وجبة دسمة من الحوافز وخاصة في مجال التصنيع، والأراضي والطاقة المدعومة، والإعفاءات الجمركية والضريبيّة طويلة المدى، والمعاملة التفضيلية في المشتريات الحكومية للمنتجات المحلية. ولا ننسى هنا أن الكويت لا تسعى للصناعات الإحلالية، بل تركز في توجهاتها المستقبلية على الصناعات والخدمات التصديرية، الأمر الذي يهمش من أثر ضيق السوق. كما أن الثورة الصناعية الرابعة جعلت من توفر المواد الأولية أمراً ثانوي الأهمية لأن التكلفة أصبحت تتركز في التقنيات والإبداع. الفرص الاستثمارية في إطار الجهود المتكاملة لتحقيق الرؤية الوطنية 2035، سجلت مسيرة إصلاح بيئة الأعمال خطوات واسعة لإصلاح بيئة الأعمال والتحول التدريجي للممارسات الأفضل والتغلب على العقبات البيروقراطية، واختصار الإجراءات والمدة الزمنية، والتوسع في استخدام التطبيقات الإلكترونية، والتحول نحو البيئة الرقمية للمعاملات لتطوير الأداء الحكومي وتعزيز تنافسية دولة الكويت كموقع جاذب للاستثمار.

ولتحقيق التنويع الاقتصادي والتنمية المستدامة، تتوافر اليوم في الكويت مجموعة كبيرة من الفرص الاستثمارية تصل تكاليفها الإجمالية إلى أكثر من 250 مليار دولار؛ في البناء والتشييد، تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، النقل، البتروكيماويات، الكهرباء والماء والطاقة المتجددة، المدن الذكية، المناطق التخزينية. هذا كله -بالطبع -بعد المشاريع الحيوية في ميدان التعليم والرعاية الصحية. وتقوم رؤية الكويت 2035 على اعتبار القطاع الخاص قاطرة التنمية والخط الأمامي والأهم في تنفيذ هذه المشاريع، سواء لوحده أو من خلال الشراكة مع القطاع العام.

وفيما يلي عرض بالغ الإيجاز للمشاريع القائمة ضمن الرؤية الوطنية التنموية 2035:

اقتصاد متنوع مستدام؛

مشروع مصفاة الزور، مشروع الوقود البيئي، مشروع الأوليفينات الثالث والعطريات الثاني المتكامل مع مصفاة الزور، مشروع المدن العمالية في مدينة جنوب الجهراء.

بنية تحتية متطورة؛

مشروع شركة المستودعات العامة والمنافذ الحدودية العبدلي، مشروع توسعة مطار الكويت الدولي مبنى الركاب 2 وتطوير المدرج الشرقي في مطار الكويت الدولي، مشروع جسر الشيخ جابر ووصلة الدوحة والجزر، مشروع شبكة السكة الحديد، فضلاً عن المنطقة الاقتصادية الشمالية التي تتضمن ميناء مبارك ومدينة الحرير.

بنية معيشية مستدامة؛

مشروع مجمع الشجايا للطاقة المتجددة، مشروع الدبدبة للطاقة الشمسية، مشروع معالجة النفايات الصلبة في كبد، مشروع محطة أم الهيمان لمعالجة مياه الصرف الصحي، مشاريع مدن المؤسسة العامة للرعاية السكنية (مدينة المطلاع السكنية، غرب وجنوب عبد الله المبارك، مدينة جابر الأحمد، مدينة صباح الأحمد، جنوب سعد العبد الله).

رعاية صحية عالية الجودة؛

مشاريع مباني وتطوير مستشفيات الفروانية والصباح الجديد والعدان والولادة الجديد، ومشروع مستشفى الشيخ جابر، مشاريع منظومة ضمان للرعاية الصحية للمقيمين. مشروع مدينة صباح السالم الجامعية، مشروع جامعة عبد الله السالم لتعزيز مجتمع المعرفة والريادة ودعم سوق العمل بعناصر بشرية مؤهلة ومنتجة.

رأسمال بشري إبداعي؛

مشروع مدينة صباح السالم الجامعية، مشروع جامعة عبد الله السالم لتعزيز مجتمع المعرفة والريادة ودعم سوق العمل بعناصر بشرية مؤهلة ومنتجة

السياحة والرياضة؛

مشروع المجمع الدولي للتنس يعتبر أبرز المشاريع الرياضية على مستوى المنطقة. مشروع مدينة الأعمال التكنولوجية، مشاريع الأنشطة الترفيهية في الوفرة والعبدلي مشروع دوري الإبداع الشبابي، مشروع ملاعبنا وأكاديمية الحكام، مركز ذوي الاحتياجات الخاصة الرياضي، شركة المشروعات السياحية برأسمال 300 مليون دينار للعمل وفق استراتيجية سياحية وترفيهية جديدة.

وفي قائمة "ميد MEED" لأضخم مائة مشروع في الخليج، المنشورة في يناير 2022م، وردت تسع مشاريع كويتية تصل تكلفتها إلى 64 مليار دولار، هي: مجمع للبتروكيماويات، ميناء مبارك الكبير، ثلاث مدن سكنية، مجمع للطاقة والمياه، ومجمع للطاقة المتجددة، توسعة مطار الكويت الدولي، وجامعة صباح السالم.

حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة:

بلغ الحجم التراكمي للاستثمارات الأجنبية المباشرة منذ مطلع يناير 2015م، (حين باشرت هيئة تشجيع الاستثمار المباشر عملها إلى نهاية مارس2021م، نحو أربع مليارات دولار؛ شملت 59 كياناً موزعة على 23 دولة، وتركزت في الخدمات وفي طليعتها نظم المعلومات وخدمات النفط والغاز والإنشاءات والصحة على التوالي. وتوزع الباقي على خدمات التدريب والطيران والاستشارات والطاقة، بالإضافة إلى قطاع الصناعة.

وبلغ رصيد الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة في دولة الكويت (باستثناء القطاع الحكومي) نحو 46 مليار دولار عام 2020م، مقارنة مع 43 مليار عام 2019 م، و36 مليار عام م2018، ومقابل 15 مليار دولار فقط عام 2010م.

ومن جهة أخرى، وفي صدد الاستثمارات غير المباشرة (محافظ الأوراق المالية بالذات) تعتبر سوق الكويت للأوراق المالية (بورصة) من أنشط الأسواق المالية في المنطقة. وقد سجلت خلال السنوات الأربع التي سبقت جائحة كورونا (2016 – 2019م) أداءً متميزاً على مستوى المنطقة والعالم. وأدت ترقية السوق في نوفمبر 2020 م، وانضمامها إلى مؤشر مورغان ستانلي للأسواق الناشئة إلى ارتفاع واضح في الملكية الأجنبية ببورصة الكويت وخاصة في الأسهم المصرفية. فقد بلغت قيمة التداول الإجمالية يوم 30 نوفمبر 2020 م-عندما أعلنت مورغان ستانلي عن دخول بورصة الكويت نادي الأسواق الناشئة -أكثر من 961 مليون د.ك مثلت غالبيتها تدفقات نقدية أجنبية إلى دولة الكويت. وقد نتج عن ذلك ارتفاع نسبة الملكية الأجنبية في المصارف الكويتية إلى نسبة تراوحت بين 1.6 % و19.8%، الأمر الذي يعطي إشارة دولية إيجابية لبورصة الكويت، ويعلن عن رغبة واستعداد الأجانب للاستثمار في دولة الكويت. وبالفعل، تواصل منظومة أسواق المال في الكويت (هيئة أسواق المال، والشركة الكويتية للمقاصة، وشركة بورصة الكويت) مساعيها لتطوير وتنظيم سوق عالية المصداقية والشفافية وسريعة التطور الفني والتقني. فقد أطلقت بورصة الكويت مؤشراً رئيسياً يضم أفضل خمسين شركة مدرجة، كما أدرجت أول صندوق عقاري مدرٍ للدخل. وأجرت بورصة الكويت تعديلات عديدة للتخفيف من اللوائح على المستثمرين المحليين والأجانب.

نقاط هامة أخرى:

1-الخصخصة: تقتضي رؤية الكويت التنموية 2035م، تنفيذ برنامج تخصيص، تنتقل إلى القطاع الخاص بموجبه ملكية وإدارة أكثر من سبعين شركة ومؤسسة وقطاعاً مملوكة كلياً أو جزئياً للدولة. وتقدر قيمة ما تملكه الدولة في هذه الشركات والقطاعات بأكثر من 18 مليار دولار. وليس ثمة شك في أن برنامج التخصيص هذا يمثل باباً واسعاً لدخول الاستثمارات الأجنبية المقترنة بالتقنية والخبرة الإدارية والقدرات التسويقية.

2-المشاريع الصغيرة والمتوسطة: بعد قيام الصندوق الوطني للمشاريع الصغيرة والمتوسطة برأسمال ملياري دينار كويتي، وبتسهيلات بالغة السخاء لرواد الأعمال، تشهد الكويت حراكاً زخماً لتأسيس المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وإذا كان هذا الحراك قد تعرض لنكسة مؤلمة بسبب جائحة كورونا، فإني على يقين بأن هذه النكسة تشكل بحد ذاتها فرصة طيبة للاستثمارات الخليجية والأجنبية للمشاركة في هذه المشاريع، خاصة تلك الاستثمارات التي تحمل معها عملاء لصناعات تجميعية، أو خبرات في التطبيقات اللوجستية والرقمية والتسويقية.

3-احترام الحقوق: في إطار الحديث عن المناخ الاستثماري في الكويت، أود أن أشير إلى أن القوانين مهما أحكمت، والحوافز مهما زادت وتنوعت، يبقى الالتزام الصحيح بها، والتطبيق الفعلي لها، والاحترام الحقيقي للحقوق وأصحابها هو المحك الفعلي لمصداقيتها. وهنا، أقول -بكل اعتزاز -أن الكويت قد سجلت سابقة في هذا المجال ستبقى شاهداً رائعاً على احترامها لالتزاماتها. فبعد سبعة أشهر من الاحتلال مارس خلالها المحتل تفريغ البلاد من كل شيء، ورغم فداحة الكارثة وجسامة الخسائر قامت المصارف الكويتية، فور التحرير، ليس فقط بتسديد الودائع كاملة ولكل من طلبها من أصحابها بصرف النظر عن أي اعتبار كان، بل بإعادة هذه الودائع مع كامل فوائدها عن كل فترة الاحتلال، وبالعملة الصعبة التي يطلبها صاحبها، وبتحويلها إلى البلد الذي يريد. ولا أعتقد أن ثمة مصداقية للاستثمار في الكويت أكثر بلاغة وتعبيراً من هذا.

4-التكامل الاقتصادي الخليجي؛ تقدر الفجوة الاستثمارية في دول مجلس التعاون الخليجي بأكثر من 180 مليار دولار سنوياً. فلا غرابة -إذن -بأن تسعى دول المجلس الستة لاجتذاب الاستثمارات الأجنبية وفق تشريعات وسياسات خاصة بكل منها. غير أن ما أريد التأكيد عليه هنا هو أنه كلما ازداد التكامل الاقتصادي بين هذه الدول اتساعاً ورسوخاً وتطبيقاً كلما ازدادت قدرتها مجتمعة وقدرات كل واحدة منها على اجتذاب الاستثمارات الأجنبية. كما أن المشاريع الخليجية المشتركة الكبيرة ستكون -بالتأكيد -عنصراً قوي الجاذبية للاستثمارات الأجنبية.

كلمة أخيرة:

بعد هذا كله، أنا لا أزعم أبداً أن بيئة الاستثمار في الكويت مكتملة الشروط، ميسّرة الإجراءات وأنا لا أنكر أبداً أن هذه البيئة ما تزال بحاجة إلى تطوير وتحديث، وإلى ثقافة منفتحة على الثقافات الأخرى، مقدرة لأهمية الاستثمارات الأجنبية. ولكني -في الوقت ذاته -أدعي وبثقة عالية أن الاستثمار في الكويت يحظى بالأمان، وبفرصة تحقيق ربح على قدر الاجتهاد. كما يحظى بتسهيلات سخية، وبشريك ذي ملاءة وخبرة والتزام. وأن البيئة الاستثمارية في الكويت تحقق تطوراً وتقدماً مستمرين. ويكفي للدلالة على ما تعلقه الكويت من أهمية على الاستثمار أن تذكر أن رؤية الكويت التنموية 2035 تقوم هدفاً وتنفيذاً ورسالة على:

 

" تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري جاذب للاستثمار، يقوم فيه القطاع الخاص بقيادة النشاط الاقتصادي، وتشجع فيه روح المنافسة، وتتوفر له بنية أساسية ملائمة، وتشريعات متطورة، وبيئة أعمال مشجّعة ".

 

إن الثقة الدولية باقتصاد أية دولة والاستثمار فيه، لا يمكن أن تكون إلا موازية ومساوية لثقة مواطني الدولة باقتصاد وطنهم. وإن القطاع الخاص الكويتي يثق كل الثقة باقتصاد الكويت ومستقبلها. وإن القطاع الخاص الكويتي يعرف تماماً أن السنوات الأحسن والأكثر نشاطاً وانفتاحاً هي السنوات القادمة بإذن الله. والقطاع الخاص الكويتي يتطلع -بالتالي -إلى شركاء جادين فاعلين في ملكية وتنفيذ وإدارة المشاريع التي تقوم عليها رؤية الكويت 2035.

مقالات لنفس الكاتب