أحداث القدس: مناشدات للتهدئة مع تصاعد العنف

جنود إسرائيليون يتحصنون خلف الأحجار في المدينة القديمة.

صدر الصورة، EPA

ناشدت دول في جميع أنحاء العالم إسرائيل والفلسطينيين التزام الهدوء بعد أيام من الاضطرابات التي تصاعدت إلى هجمات انتقامية من الجانبين.

وحثت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا إسرائيل والفلسطينيين على خفض التوتر في أسرع وقت ممكن.

وكان العنف قد تصاعد ليل الاثنين بعد أن أطلق مسلحون فلسطينيون صواريخ باتجاه القدس.

ثم شن الجيش الإسرائيلي غارات جوية على قطاع غزة.

وقال مسؤولو صحة فلسطينيون في غزة إن 25 شخصا بينهم تسعة أطفال قتلوا في الغارات. وقال الجيش الإسرائيلي إن ما لا يقل عن 15 عضوا في حركة حماس التي تحكم غزة كانوا من بين القتلى.

وهددت حماس بشن هجوم بعد إصابة مئات الفلسطينيين في اشتباكات مع الشرطة الإسرائيلية في القدس الاثنين.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن حماس "تجاوزت الخط الأحمر" وإن إسرائيل سترد "بقوة كبيرة".

التعليق على الفيديو، الشيخ جراح: ما أصل المشكلة؟ وهل يمكن إيقاف ترحيل الفلسطينيين؟

ماذا قال دبلوماسيون زاروا الشيخ جراح؟

عبر سفراء وقناصل الاتحاد الأوروبي، الذين زاروا حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية المحتلة، عن دعمهم للعائلات المهددة بالإخلاء في الحي.

وكانت عائلات مقدسية قد طالبت بتدخل دولي وأوروبي لا يقتصر فقط على بيانات التنديد.

وتجول قناصل وسفراء أوروبيون في حي كرم الجاعوني المهدد بالإخلاء في المنطقة نفسها التي تشهد مناوشات يومية بين الشرطة الإسرائيلية والفلسطينيين.

ويشهد الحي زيارات يصفها الفلسطينيون بأنها استفزازية من قبل أعضاء كنيست من حزب الصهيونية الدينية الداعم للمستوطنين.

وأفاد مراسلنا في القدس بأن العائلات المهددة عبرت عن استيائها من عدم وجود ما وصفته بالتدخل الأوروبي الحقيقي لوقف المحاولات الاستيطانية في الحي.

وقالت منظمة العفو الدولية إن إسرائيل تستخدم القوة "التعسفية والمفرطة ضد المتظاهرين الفلسطينيين السلميين إلى حد كبير" في اشتباكات بالقدس الشرقية، أسفرت عن إصابة مئات المتظاهرين وعشرات من رجال الشرطة.

دورية من جنود الحدود في أحد الأزقة في القدس القديمة.

صدر الصورة، EPA

التعليق على الصورة، دورية من جنود الحدود في أحد الأزقة في القدس القديمة.
تخطى يستحق الانتباه وواصل القراءة
يستحق الانتباه

شرح معمق لقصة بارزة من أخباراليوم، لمساعدتك على فهم أهم الأحداث حولك وأثرها على حياتك

الحلقات

يستحق الانتباه نهاية

دافعت إسرائيل يوم الثلاثاء بحزم عن سلوك ضباطها، وأصرت على أنهم ردوا على المشاغبين الفلسطينيين العنيفين بالإجراءات المناسبة.

لكن منظمة العفو الدولية التي تتخذ من لندن مقرا لها وصفت بعض هذه الإجراءات بأنها "غير متناسبة وغير قانونية" ، واتهمت قوات الأمن الإسرائيلية بارتكاب "هجمات غير مبررة على المتظاهرين السلميين".

وجاء بيان المنظمة وسط تصاعد التوتر في القدس الشرقية التي ضمتها إسرائيل، ويتركز جزء كبير منها في مجمع المسجد الأقصى ، ثالث أقدس المواقع الإسلامية.

وفي اشتباكات في أماكن أخرى في القدس الشرقية، استخدمت الشرطة القنابل الصوتية والرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه، ردا على الفلسطينيين الذين ألقوا الحجارة والزجاجات والألعاب النارية على عناصر الشرطة.

ماذا قالت منظمات دولية؟

قالت منظمة العفو الدولية إن إسرائيل استخدمت القوة المفرطة على مدى أسابيع عديدة من احتجاجات القدس الشرقية، بحسب ما ذكرته وكالة فرانس برس للأنباء.

وأضافت أن القوات الإسرائيلية، في إحدى الحوادث، فككت الأسبوع الماضي دائرة سلمية من الفلسطينيين الذين هتفوا شعارات مناهضة لمحاولة الإسرائيليين إجلاءهم من منازلهم في حي الشيخ جراح بالمدينة.

خريطة لفلسطين وإسرائيل

وقالت منظمة العفو إن قوات الخيالة، بحسب ما ذكرته وكالة فرانس برس، انطلقت نحو المحتشدين وداست على رجل كان يحاول الهرب.

ودعت منظمة حقوق الإنسان المجتمع الدولي إلى "محاسبة إسرائيل على انتهاكاتها الممنهجة".

ونقلت الوكالة عن إسرائيل قولها في رسالة بالبريد الإلكتروني: "لن نسمح بإخلال النظام مع الإضرار بنسيج الحياة والتحريض على الإضرار بقوات الشرطة والعنف ضد ضباط الشرطة والمدنيين".

وصرح مفوض الشرطة كوبي شبتاي لتلفزيون إن 12 الإسرائيلي الاثنين، أن أفراد الشرطة في القدس في الأيام الأخيرة "أظهروا الكثير من ضبط النفس".

وقالت جماعة "أنقذوا الأطفال" ومقرها لندن، إنها "شعرت بالرعب" من الضربات الجوية الإسرائيلية وطالبت بوقف "الاستهداف العشوائي وقتل المدنيين".

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، جوناثان كونريكوس، إن إسرائيل "تبذل كل ما في وسعها للحد من الأضرار الجانبية". وأضاف أنه لا يوجد تأكيد على أن الضربات الإسرائيلية أثرت على المدنيين في غزة.

وقال مكتب حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة الثلاثاء إنه يشعر بقلق عميق ازاء تصاعد العنف في الأراضي الفلسطينية المحتلة والقدس الشرقية وإسرائيل.

وقال المتحدث باسم المكتب، روبرت كولفيل، للصحفيين في جنيف "ندين كل أعمال العنف وكل التحريض على العنف والانقسام العرقي والاستفزازات".

وأضاف أن قوات الأمن الإسرائيلية يجب أن تسمح بحرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع.

وقال المتحدث باسم مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة "يجب عدم استخدام القوة في مواجهة من يمارسون حقوقهم بشكل سلمي".

وأضاف أنه عندما يكون استخدام القوة ضروريا، يجب أن يمتثل تماما للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.

الهلال الأحمر ينقل جرحى في القدس

صدر الصورة، EPA

التعليق على الصورة، الهلال الأحمر ينقل جرحى في القدس

وقال كولفيل إن مكتب المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، ميشيل باشليت، يشعر بقلق خاص بشأن تأثير العنف على الأطفال.

وقال "يجب إطلاق سراح الأطفال المحتجزين. الأمور بحاجة إلى الهدوء".

تصاعد التوتر

تصاعد التوتر في القدس إلى أسوأ اضطرابات تشهدها المدينة بعد عام 2017 عندما اشتبكت شرطة مكافحة الشغب الإسرائيلية مع حشود كبيرة من المصلين الفلسطينيين في يوم الجمعة الأخير من شهر رمضان المبارك.

وأعلنت حركة الجهاد الإسلامي، إحدى الجماعات الفلسطينية المسلحة الرئيسية في غزة، الثلاثاء أن اثنين من قادتها قتلا في غارات جوية إسرائيلية استهدفت القطاع.

وقالت مصادر داخل الحركة إن الضربات في وسط مدينة غزة "أصابت ثمانية أشخاص بينهم امرأة وطفلاها".

وهددت المواجهات العنيفة المتزايدة بين الشرطة الإسرائيلية والمتظاهرين الفلسطينيين في البلدة القديمة بالقدس، بإشعال صراع أوسع.

وكان الفلسطينيون غاضبين من القيود المفروضة على الوصول إلى المجمع، حيث يوجد المسجد الأقصى، ثالث أقدس موقع في الإسلام.

يسير القوميون اليهود كل عام عبر المدينة القديمة لبلوغ حائط المبكى المقدس لديهم.

صدر الصورة، Reuters

التعليق على الصورة، يسير القوميون اليهود كل عام عبر المدينة القديمة لبلوغ حائط المبكى المقدس لديهم.

وفي وقت مبكر من يوم الثلاثاء، قال الهلال الأحمر الفلسطيني، إن أكثر من 700 فلسطيني أصيبوا في اشتباكات مع قوات الأمن الإسرائيلية في القدس وأنحاء الضفة الغربية.

ما هي ردود الفعل العالمية؟

قال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكين، إن على حماس إنهاء الهجمات الصاروخية "على الفور"، مضيفا "على جميع الأطراف وقف التصعيد".

ورددت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين بساكي تلك المطالب، قائلة إن الرئيس الأمريكي جو بايدن يشعر بقلق بالغ إزاء العنف.

وفي تغريدة، قال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب إن الهجمات الصاروخية "يجب أن تتوقف"، داعيا إلى "إنهاء استهداف السكان المدنيين".

وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، إن "التصعيد الكبير في العنف" في الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية "يجب أن يتوقف على الفور".

دخان

صدر الصورة، Reuters

التعليق على الصورة، أطلقت صواريخ من غزة باتجاه القدس

وعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا عاجلا يوم الإثنين لمناقشة العنف. ولم يتم إصدار أي بيان.

ونقلت تقارير عن مسؤول دبلوماسي قوله إن الأمم المتحدة ومصر وقطر، الذين غالبا ما يتوسطون بين إسرائيل وحماس، يحاولون وقف القتال.

وكانت السلطات الإسرائيلية قد غيرت مسار مسيرة لقوميين يهود عبر شوارع البلدة القديمة في القدس لتجنب إثارة احتجاجات وردود فعل.

وتنظم جهات يمينية إسرائيلية المسيرة عبر شوارع القدس الشرقية احتفالا بذكرى احتلالها عام 1967، ويشارك فيها عادة المئات من الشبان اليهود يلوحون بأعلام أثناء مرورهم عبر الأحياء العربية في المدينة بالقرب من باب دمشق، مرددين أغان قومية.

ويعتبر الفلسطينيون الحدث استفزازا متعمدا، وصادف موعد هذه المسيرة الأيام الأخيرة من شهر رمضان هذه السنة.

وشهد حي الشيخ جراح في القدس في الأيام الأخيرة صدامات بين محتجين فلسطينيين والشرطة الإسرائيلية، حيث كان مستوطنون يهود يريدون الاستيلاء على منازل تقيم فيها عائلات فلسطينية منذ عقود، بزعم أنها كانت مملوكة ليهود قبل عام 1948.

وكان من المقرر أن تعقد جلسة استماع في محكمة العدل العليا الإثنين، لكن الجلسة أجلت بسبب الأحداث.

ماذا حدث في المسجد الأقصى؟

قالت قوات الشرطة الإسرائيلية إن آلاف الفلسطينيين تحصنوا في المبنى خلال الليل، مع كميات من الحجارة والزجاجات الحارقة تحسبا لأي مواجهة خلال مسيرة القوميين اليهود التي كان من المقرر أن تجري في الساعة الرابعة عصر الاثنين .

وتلقى الجنود تعليمات باقتحام المسجد لإخراج المعتصمين صباح الإثنين، بعد أن تعرضت نقطة للشرطة للهجوم وألقيت الحجارة باتجاه شارع مجاور، حسب الشرطة الإسرائيلية.

وألقت الشرطة قنابل صوتية على المحتجين، وأطلقت الرصاص المطاطي عليهم.

وظهرت في لقطات فيديو حشود تفر بحثا عن ملجأ، وسقطت بعض القنابل الصوتية في داخل المسجد.

ويقع المسجد الأقصى ضمن مجمع مبني على قمة تلة، ويدعوه اليهود جبل الهيكل، إذ يعتبرونه موقعا توراتيا.

وقد تعرضت سيارة للرجم بالحجارة خلال الاشتباكات فاصطدمت بأحد الأعمدة وصدمت رجلا.

النيران تشتعل في غزة بعد الغارات الإسرائيلية.

صدر الصورة، Reuters

التعليق على الصورة، النيران تشتعل في غزة بعد الغارات الإسرائيلية.

وقالت منظمة الهلال الأحمر الفلسطيني إن 305 فلسطينيين جرحوا خلال الصدامات ونقل 228 شخصا للمستشفيات، بينهم سبعة في حالة حرجة.

وقالت الشرطة الإسرائيلية إن 21 من أفرادها جرحوا، ثلاثة منهم تطلبت حالتهم علاجا في المستشفى.

ودافع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن سلوك الشرطة. وقال "هذه معركة بين التسامح وعدم التسامح، بين النظام والفوضى. العناصر التي تريد مصادرة حقوقنا تضطرنا أن نكون أقوياء، وهذا ما يفعله ضباط الشرطة".

وأدان الرئيس الفلسطيني محمود عباس السلوك الإسرائيلي. وقال نبيل أبو ردينة المتحدث باسمه إن "الهجمات الوحشية لقوات الاحتلال الإسرائيلي على المصلين في المسجد الأقصى المبارك وساحاته تشكل تحديا جديدا للمجتمع الدولي".

وجاء التصعيد يوم الإثنين بعد أسبوع من الصدامات بين فلسطينيين وقوات الشرطة الإسرائيلية في محيط المسجد الأقصى .

ووردت تقارير عن صدام بين قوات الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين في مدينة حيفا وبالقرب من مدينة رام الله.

وأدان عبد الله الثاني ملك الأردن "الانتهاكات الإسرائيلية والتصعيد في محيط المسجد الأقصى المبارك".

ما الذي يجعل القدس بؤرة للصدام؟

المدينة بأماكنها الدينية هي المكان الأكثر قدسية، وهي الأكثر حساسية في الصراع الذي يدور منذ عقود بين إسرائيل والفلسطينيين.

خارطة القدس.

وبالإضافة لأهميتها الدينية فهناك نزاع قومي عليها، فقد ضمت إسرائيل القدس الشرقية وتعتبر المدينة الموحدة عاصمة لها، مع أن معظم دول العالم لا تعترف بهذه الخطوة الأحادية الجانب.

ويرغب الفلسطينيون في أن يكون الجزء الشرقي من المدينة عاصمة لدولتهم المستقبلية.