أردوغان يعلق المحادثات مع اليونان في تصعيد لأزمة لا تهدأ

الرئيس التركي يعلن إلغاء برنامجا للتعاون الثنائي مع اليونان، مشددا على أن أنقرة تريد سياسة خارجية تتمتع بشخصية قوية، محذرا اليونان من "العبث" مع بلاده.
ألمانيا تدعو تركيا للامتناع عن استفزاز اليونان
الخلاف حول جزر بحر ايجه يفاقم التوتر بين أنقرة وأثينا
تركيا تشكك في سيادة اليونان على جزرها في بحر ايجه

أنقرة - أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم الأربعاء وقف تركيا المحادثات مع اليونان بينما تشهد العلاقات بين البلدين الجارين والعضوين في حلف شمال الأطلسي (الناتو) توترات جديدة أعادت الأزمة بينهما إلى المربع الأول بعد أكثر من 62 جولة من المحادثات الاستكشافية الرامية للتهدئة وحل الخلافات العالقة بالحوار.

ويأتي قرار أردوغان في خضم خلافات متعددة منها خلاف مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس وما تصفه أنقرة بانتهاكات للمجال الجوي، في أحدث تراجع في العلاقات المتوترة بين الجارتين منذ فترة طويلة.

وفي العام الماضي وبعد توقف استمر خمس سنوات استأنف البلدان المحادثات لحل نزاعاتهما في البحر المتوسط والقضايا الثنائية الأخرى ومن ضمنها ملف الهجرة ووضع قبرص والتنقيب عن النفط في شرق المتوسط، لكن بعد جولات ولقاءات ثنائية على مستوى كبار المسؤولين في البلدين لم تحرز تلك المحادثات تقدما يذكر وكثيرا ما تبادل الطرفان انتقادات لاذعة.

وقال أردوغان إن تركيا ألغت برنامجا للتعاون الثنائي أُطلق عليه اسم المجلس الاستراتيجي رفيع المستوى مع اليونان، مضيفا في كلمة ألقاها أمام نواب بالبرلمان من حزبه الحاكم أن أنقرة تريد سياسة خارجية "تتمتع بشخصية قوية".

أضاف محذرا "إنكم تواصلون الاستعراض أمامنا بطائراتكم... ماذا تفعلون؟ انتبهوا لأفعالكم. ألا تتعلمون دروسا من التاريخ؟"، في إشارة إلى الخلاف حول المجال الجوي فوق جُزر في بحر إيجه".

وقال "لا تحاولون العبث مع تركيا. ستتعبون وتتعثرون. لم نعد نجري محادثات ثنائية معهم. اليونان هذه لن ترى سببا لذلك". والبلدان على خلاف منذ فترة طويلة بشأن عدة قضايا منها الحدود البحرية وامتداد الجرف القاري لكل منهما بالإضافة إلى قضايا المجال الجوي والمهاجرين وقبرص المقسمة عرقيا.

واندلع التوتر مرة أخرى الأسبوع الماضي عندما قال أردوغان إن رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس "لم يعد موجودا" بالنسبة له واتهم الزعيم اليوناني بمحاولة عرقلة بيع طائرات إف-16 لتركيا خلال زيارة قام بها للولايات المتحدة.

وأمس الثلاثاء، قال ميتسوتاكيس للصحفيين بعد قمة للاتحاد الأوروبي إنه أطلع نظراءه في الاتحاد الأوروبي على "عدوانية" تركيا و "استفزازاتها التي لا يمكن أن تتسامح معها اليونان أو الاتحاد الأوروبي"، مضيفا "لن أشارك في لعبة الإهانات الشخصية".

وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو يوم الثلاثاء إن اليونان تنتهك الاتفاقات الدولية التي تحدد وضع الجُزر منزوعة السلاح في بحر إيجه، محذرا من أنه ما لم تغير أثينا نهجها، فإن أنقرة ستطلق تحديات بشأن وضع الجُزر وردت عليه وزارة الخارجية اليونانية بالقول إن تصريحات جاويش أوغلو تظهر أن تركيا تهدد أثينا.

وبدا الخلاف يتسع بين تركيا ودول الاتحاد الأوروبي بسبب تشكيك أنقرة في سيادة اليونان على جزره في بحر إيجه، فقد انضمت ألمانيا الأربعاء لفرنسا في دعمها لأثينا، مؤكدة أن التشكيك في سيادة اليونان على جزره أمر مرفوض وغير مقبول.

وقال متحدث باسم الحكومة الألمانية اليوم الأربعاء إن المستشار الألماني أولاف شولتس دعا تركيا إلى التزام ضبط النفس تجاه اليونان مع تصاعد التوتر بين البلدين، مضيفا في مؤتمر صحفي في برلين "المستشار يرى أنه من الضروري، نظرا للوضع الحالي، أن يقف جميع أعضاء حلف شمال الأطلسي معا وأن يبتعدوا عن الاستفزازات فيما بينهم".

وتابع "اقتحام المجال الجوي اليوناني والتحليق فوق الجزر اليونانية ليس أمرا مقبولا، يأتي بنتائج عكسية فيما يبدو ويتعارض مع روح التحالف".

وأوضح المتحدث أن ألمانيا ملتزمة بحل القضايا المفتوحة بين اليونان وتركيا في حوار خاص وعلى أساس القانون الدولي، لكنه قال أيضا "لا يمكننا قبول التشكيك في سيادة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي".

وأمس الثلاثاء أعلن الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون دعم بلاده لليونان في مواجهة تركيا، مشددا على أنه لا يمكن باي حال من الأحوال التشكيك في سيادة اثينا على جزرها في بحر إيجه.

وقال بعد قمة أوروبية في بروكسل "أعرب رئيس الوزراء اليوناني بشدة عن قلق اليونان ومخاوفها المشروعة وأدان التصريحات التي أدلى بها عدد من المسؤولين الأتراك شككوا في سيادة اليونان على عدة جزر"، مضيفا أمام الصحافيين "أود أن أؤكد هنا دعم كل الأوروبيين وخاصة فرنسا".

وشدد على أنه "لا يمكن لأحد أن يعرض للخطر سيادة أي دولة عضو اليوم وأعتقد أنه يجب إدانة هذه التصريحات في أسرع وقت".

وتتهم السلطات التركية اليونانيين بتسليح جزر بحر إيجه في انتهاك على حد قولها لمعاهدتين، بينما تبرر أثينا عسكرة الجزر التي يفترض أنها منزوعة السلاح، بالتهديد الذي تمثله تركيا والتي انتهكت مقاتلاتها مرارا المجال الجوي اليوناني وحلقت على ارتفاع منخفض جدا فوق جزرها.