لطالما أكد كلشدار أوغلو رغبته في منافسة رجب طيب إردوغان بانتخابات الرئاسة المنتظرة، لكن التوافق على اسمه بقي مثار جدل
لطالما أكد كلشدار أوغلو رغبته في منافسة رجب طيب إردوغان بانتخابات الرئاسة المنتظرة، لكن التوافق على اسمه بقي مثار جدل

بسؤال واحد تلته سلسلة من "رسائل الدعم" عبر موقع التواصل "تويتر" عزز زعيم "حزب الشعب الجمهوري" المعارض في تركيا، كمال كلشدار أوغلو فرص ترشحه لانتخابات الرئاسة المقرر تنظيمها في 2023، فيما فتح باب "مهمة صعبة" ستواجهها بقية الأحزاب التي تجلس معه على نفس الطاولة، وفق مراقبين.

وفي كلمة ألقاها خلال اجتماع لأعضاء حزبه بإزمير، يوم الخميس، قال كلشدار أوغلو: "الآن علي أن أعرف. هل أنتم حقا معي؟. قرروا الآن هل سنهزم أعداء الشعب معا أم لا". وهي كلمات سرعان ما تبعتها مواقف داعمة من جانب عمدتي أنقرة وإسطنبول، منصور يافاش وأكرم إمام أوغلو.

ولطالما أكد كلشدار أوغلو رغبته في منافسة رجب طيب إردوغان بانتخابات الرئاسة المنتظرة، لكن التوافق على اسمه بقي مثار جدل وشابه الكثير من التباين، ولاسيما من جانب بقية زعماء المعارضة، الذين يجتمعون معه ضمن "طاولة الستة"، منذ شهر فبراير الماضي.

وفي الوقت الذي بقيت فيه هذه الحالة من الجدل قائمة دون حسم اسم "منافس إردوغان" برز عمدة أنقرة منصور يافاش كمرشح محتمل، وقبله أكرم إمام أوغلو الذي حظي برئاسة بلدية إسطنبول، في 2019.

لكن وردا على سؤاله الواحد غرّد عمدة أنقرة، منصور يافاش عبر "تويتر" بالقول يوم الجمعة: "سنكون دائما إلى جانبكم من أجل غد عادل ومستقبل سعيد لتركيا". وكذلك الأمر بالنسبة لإمام أوغلو، إذ كتب: "بكل الأحوال. أنا مع رئيسنا السيد كلشدار أوغلو"، وفي وقت سابق من هذا الأسبوع قال: "أنت اليوم على رأس المعارضة، وغدا ستكون على رأس الدولة".

وتعطي الخطوة التي أثارها كلشدار أوغلو والرسائل التي تلتها مؤشرا على أنه "واعتبارا من اليوم تم إغلاق باب الترشح للرئاسة في حزب الشعب الجمهوري"، وهو أكبر أحزاب المعارضة، وذلك حسب الصحفي المعارض، إسماعيل سايماز، مضيفا: "المرشح الوحيد الآن لحزب الشعب هو: كمال كلشدار أوغلو".

وبموازاة ذلك اعتبر سايماز أنه ما حصل هو أيضا "رسالة إلى طاولة الستة، قبل الاجتماع الذي سيعقد في يوم الثاني من شهر أكتوبر".

ومن المقرر أن يجتمع زعيم "حزب الشعب" مع بقية الأحزاب المشكّلة للطاولة السداسية، بعد عشرة أيام، ومن بينها "حزب الجيد" ذو الجذور القومية وحزبي علي باباجان وأحمد داوود أوغلو.

ويأتي هذا اللقاء بعد 6 اجتماعات سابقة عقدها زعماء المعارضة، من أجل التنسيق والتخطيط للانتخابات الرئاسية المقبلة، والتي توصف بـ"المصيرية"، ويتصدرها إردوغان كمرشح رئاسي عن تحالف حزبه "العدالة والتنمية" مع "حزب الحركة القومية".

لماذا "المهمة صعبة"؟

وطوال الأشهر الماضية من تشكيل "الطاولة السداسية" لم تصل الأحزاب المشكّلة لها إلى قاسم مشترك حول اسم المرشح، وعلى العكس بقيت هذه النقطة في "دائرة الحيرة" من جهة، وفي إطار الأخذ والرد، من جهة أخرى.

وكثيرا ما أدلى مسؤولون في أحزاب المعارضة التي تنسق مع "حزب الشعب" بمواقف ألمحوا من خلالها أن ترشيح كلشدار أوغلو أمرا مستبعدا. وفي حين اتجهوا لترديد أسماء محتملة، تصدرها في الفترة الأخيرة "منصور يافاش"، ظلّوا بعيدين عن اتخاذ قرار الحسم.

ويعتبر الباحث في الشأن التركي، محمود علوش أنه و"بإبعاد أكرم إمام أوغلو ومنصور يافاش كمرشحين محتملين استطاع كلشدار أوغلو في نهاية المطاف من فرض نفسه كمرشح رئاسي عن حزب الشعب الجمهوري".

ومع ذلك، يضيف الباحث لموقع "الحرة": "لكنّ المهمّة الأصعب التي تنتظره هي إقناع الشركاء الآخرين في تحالف المعارضة بتبني ترشيحه".

ولا يخفي "التناغم" الذي يظهر بين كلشدار أوغلو وزعيمة "حزب الجيد"، ميرال أكشنار الخلافات بينهما حول "المرشح المشترك"، وفق علوش. 

إذ يوضح الباحث أن "كليشدار أوغلو شخصية استقطابية على نحو كبير وتعتقد أحزاب المعارضة الأخرى أنّه غير قادر على تحدي إردوغان. هذا ما يُفسّر ميل أكشنار إلى ترشيح منصور يافاش".

من جانب آخر يرى الباحث السياسي التركي، هشام جوناي أن "ترشيح كلشدار أوغلو كمنافس رئاسي كان أمرا متوقعا"، وأن "رسائل الدعم" التي نشرها عمدتي أنقرة وإسطنبول هي "رسالة للرأس العام بأن حزب الشعب لا يوجد فيه أي شرخ، سواء في صفوفه أو في ملف الترشح".

وبعيدا عن ما يدور داخل أكبر أحزاب المعارضة يشير جوناي في حديث لموقع "الحرة" إلى أن "بعض الأحزاب اليمينية مازالت تريد أن ترى منصور يافاش مرشحا للرئاسة، لأنه كان في الماضي في حزب الحركة القومية. الناس تعرف جيدا أنه من خلفية قومية".

"وجود منصور يافاش في حزب الشعب الجمهوري لم يقطع الصلة بينه وبين الحاضنة القومية له"، أما إمام أوغلو فقد "أسفرت بعض الأشياء التي فعلها إلى دفعه للابتعاد عن موضوح الترشح، ولذلك أعلن تأييده لكلشدار أوغلو"، وفق جوناي.

"بين جولتين"

ولا يعرف بالتحديد حتى الآن من سيكون له "الحظ الأكبر" للفوز في انتخابات الرئاسة في البلاد، مع تضارب نتائج استطلاعات الرأي، التي يرى مراقبون أنها لا تعبّر عن نتائج واضحة.

وبينما يتوقع البعض أن تحسم الانتخابات من الجولة الأولى، يرى آخرون أن هذا الأمر مستبعدا، إذ ستشهد "جولتين" (أولى وثانية).

يقول الباحث جوناي إن "أحزاب الطاولة الستة منها حزب علي باباجان تؤكد أنه لا اتفاق حتى الآن على ترشيح اسم المنافس، وأنهم يعلمون على اختيار أقوى اسم ممكن".

"يمكن أن تكون هناك أسماء مفاجأة، لأن هذه الأحزاب تريد حسم الانتخابات الرئاسية من الجولة الأولى. هم يعرفون أن حظوظ إردوغان سترتفع في الجولة الثانية".

ويضيف الباحث: "لا يمكن أن نقول أن الأحزاب متفقة على اسم كلشدار أوغلو بمجرد أن رئيسين للبلدية وافقوا عليه. النقاشات مستمرة بقوة على طاولة النقاش".

في المقابل يشير الباحث علوش إلى أن "اختلاف الموقف بين كلشدار أوغلو ميرال أكشنار حول مسألة إشراك حزب الشعوب الديمقراطي الكردي في تحالف المعارضة يُغذي عجز المعارضة في التوافق على مرشح رئاسي موحد".

وكان نائب "حزب الشعب الجمهوري" في إسطنبول، غورسيل تيكين، أثار جدلا وانقساما، الأسبوع الماضي، بعدما أعلن أن "حزب الشعوب يمكن أن يمنح وزارة"، في حال تم الفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وسرعان ما جاء الرد على هذه الكلمات من جانب "حزب الجيد"، لتقول زعيمته، أكشنار: "لن نكون على الطاولة حيث يوجد حزب الشعوب الديمقراطي".

وكذلك الأمر بالنسبة لنائب زعيم "الحزب الجيد" في إسطنبول، يافوز أغيرالي أوغلو، مضيفا في رده على تيكين: "من سألت ولمن تعطي ماذا؟".
"عامل الوقت"

في غضون ذلك اعتبر الباحث علوش أن "عامل الوقت لم يعد مساعدا للمعارضة في مسألة التوافق على مرشح مشترك"، إذ بقي قرابة تسعة أشهر على موعد الانتخابات.

ويقول: "يُمكن لأحزاب المعارضة أن تمضي قدما نحو الانتخابات دون مرشح موحّد واختيار كل منها مرشحها بشكل غير تصادمي، كوسيلة تضمن أولا عدم انهيار التحالف، وترك الدعم الجماعي للمرشح الذي يجتاز الجولة الأولى في الانتخابات إذا ما عجز أردوغان عن حسمها لصالحها".

لكن، ورغم ذلك "قد يجد تكتل المعارضة نفسه في مأزق أكبر حتى لو نجح في فرض جولة ثانية من الانتخابات. قد يُلحق التنافس بين أحزاب المعارضة في الجولة الأولى الضرر بينها، ويجعلها أكثر هشاشة في جولة الإعادة"، وفق الباحث.

بدورها توضح كاتبة العمود في موقع "خبر تورك" ناغيهان ألتشي أنه "وبغض النظر عما يقوله أي شخص، فمن الواضح أن تركيا تتجه نحو مباراة إردوغان وكلشدار أوغلو".

"أنا على يقين من أننا سنشهد لقاء ‘ردوغان وكلشدار أوغلو في يونيو 2023"، وتضيف الكاتبة: "قد يكون هناك مرشحون آخرون، أنا لا أقول لا. على سبيل المثال، سيكون أوميت أوزداغ مرشحا بالتأكيد. أتوقع أن يخرج محرم إينجه وفاتح أربكان كمرشحين أيضا".

وقد تقوم الأحزاب السياسية الأخرى أيضا بتعيين مرشحين، "لكن المحور الرئيسي للانتخابات الرئاسية في يونيو 2023 سيكون إردوغان كيلشدار أوغلو". وتتابع الكاتبة: "مثلما كان المحور الرئيسي لانتخابات يونيو 2018 هو إردوغان-إنجه".

واعتبرت أنه "من الصعب الجزم بمن سيفوز في مباراة إردوغان-كلشدار أوغلو في الجولة الأولى، ولكن إذا انتقلت الانتخابات إلى الدور الثاني (يوليو 2023)، فمن المرجح أن يكون يفوز إردوغان".

وسبق وأن اعتبر إردوغان أن انتخابات 2023 "ستكون نقطة تحول في تاريخ البلاد والشعب"، وكذلك ما أشارت إليه أحزاب المعارضة، في مقدمتها "حزب الشعب الجمهوري".

ويواجه الحزب الحاكم في تركيا محطات خلال الأشهر المتبقة للانتخابات، على رأسها الاقتصاد والأزمة التي تعيشها العملة، إضافة إلى ملف اللاجئين السوريين، الذي تحاول المعارضة تصديره على واجهة جدول الأعمال اليومي.

وحسب ما نقلت صحيفة "حرييت" عن نائب رئيس "حزب العدالة والتنمية" الحاكم، إركان كانديمير فإن "وثيقة الرؤية لانتخابات 2023 سيعلنها إردوغان في 28 أكتوبر في ساحة العاصمة أنقرة".

مراد قوروم مرشح حزب العدالة والتنمية وحلفائه للانتخابات البلدية في مدينة إسطنبول
مراد قوروم مرشح حزب العدالة والتنمية وحلفائه للانتخابات البلدية في مدينة إسطنبول

بين انتخابات محلية وأخرى في تركيا دائما ما تتردد أصداء عبارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الشهيرة التي قال فيها: "من يسيطر على مدينة إسطنبول يمكنه أيضا حكم البلاد بأكملها في الانتخابات العامة".

من خلال هذه العبارة أعطى الرئيس التركي قبل سنوات بعدا سياسيا للمنافسة الانتخابية المحلية في البلاد، والخاصة بإسطنبول على وجه التحديد.

ورغم أن الصبغة التي فرضها على مشهد الاستحقاق الداخلي كان لها الوقع الأكبر وربما "الاستثنائي" تبرز عدة عوامل أخرى حسبما يوضح خبراء ومراقبون لموقع "الحرة"، بينما يقولون إن آثارها ما تزال قائمة حتى الآن.

في الحادي والثلاثين من مارس الحالي ستشهد تركيا انتخابات محلية يشارك فيها 34 حزبا، وعلى خلاف سابقتها التي حصلت في 2019 لا تلوح في أفقها حتى الآن معالم أي تحالفات، ولا سيما لدى ضفة أحزاب المعارضة.

الانتخابات المحلية تأتي بعد 10 أشهر من فوز إردوغان بالانتخابات الرئاسية، وحصول حزبه الحاكم "العدالة والتنمية" على الأغلبية في البرلمان، بعدما تحالف مع "حزب الحركة القومية" وأحزاب صغيرة أخرى.

ومن المتوقع أن تحدد نتائجها مصير سياسيين معارضين، من بينهم عمدة إسطنبول الحالي، أكرم إمام أوغلو.

وستكون مهمة أيضا على صعيد استمرارية المعارضة ككل في البلاد أو لجهة تعزيز وجود الحكومة وجذور الحزب الحاكم (العدالة والتنمية).

كيف تبدو المنافسة؟

تستهدف الانتخابات جميع الولايات التركية، ومن المقرر أن يشارك فيها ما مجموعه 61 مليونا و441 ألفا و882 ناخبا مسجلين لدى "الهيئة العليا للانتخابات" (YSK).

ومع ذلك تأخذ حيز اهتمام وتركيز كبير في المدن الثلاث الكبرى، وهي إسطنبول وأنقرة وإزمير. 

في هذه المدن دائما ما يسود الترقب وتحبس الأنفاس بشأن النتائج الخاصة بها بعد عمليات فتح وفرز الأصوات.

ورغم وجود عدة مرشحين الآن تشير المعطيات إلى أن المنافسة ستكون محتدمة على نحو أكبر بين مرشحي "تحالف الجمهور" وأولئك الذين اختارهم "حزب  الشعب الجمهوري".

يضم "تحالف الجمهور" حزب "العدالة والتنمية" الحاكم وحليفه "حزب الحركة القومية"، ومرشحهما عن مدينة إسطنبول، مراد قوروم وفي أنقرة تورغوت ألتينوك وحمزة داغ في إزمير.

وفي المقابل يقود دفّة "الشعب الجمهوري" أكبر أحزاب المعارضة في إسطنبول أكرم إمام أوغلو، وفي أنقرة منصور يافاش وجميل توغاي في إزمير.

يوضح الدكتور سمير صالحة، وهو كاتب وباحث تركي، أن "الانتخابات المحلية في تركيا دائما ما تجري تحت تحت تأثير أكثر من عامل سياسي وحزبي واقتصادي وأمني".

ويقول لموقع "الحرة": "لم نر انتخابات منذ 1930 دون أن نشهد مثل هذا التشابك بين العوامل المذكورة أعلاه".

وحتى لو كان موضوع النقاش الأساسي هو البنى التحتية والكهرباء والمياه والمواصلات دائما ما تتطغى النقاشات السياسية في كثير من الأحيان، وخاصة خلال الحملات الانتخابية، وفق حديث صالحة.

يحاول الرئيس إردوغان وحزبه الحاكم في هذه الانتخابات استعادة إرث "العدالة والتنمية" في إسطنبول، بعدما فقدوه قبل 4 سنوات، عندما انتزع إمام أوغلو كرسي رئاسة البلدية في 2019.

ومع أنهم يركزون اهتمامهم أيضا على أنقرة، تبدو الأنظار موجهة بقدر كبير على إسطنبول ومرشحها مراد قوروم، القادم من وزارة البيئة والتحضر العمراني.

من جانب المعارضة وبالتحديد "الشعب الجمهوري" تعتبر هذه الانتخابات الأولى التي يخوضها بعد الخسارة التي مني بها رئاسيا وبرلمانيا، في مايو 2023.

الحزب المذكور الآن بزعيم جديد هو أوزغور أوزيل، والذي خلف كليتشدار أوغلو بعد هزيمته أمام إردوغان.

ويحاول "الشعب الجمهوري" تثبيت أقدام إمام أوغلو من جديد في إسطنبول ومنصور يافاش في أنقرة، مع غياب أي ملامح لما ستكون عليه النتائج في يوم 31 من مارس.

"تختلف هذه المرة"

الدكتور صالحة يشير إلى أن الانتخابات الحالية تبدو مختلفة عن أجواء وحيثيات الانتخابات السابقة، ويقول إن هناك عوامل جديدة دخلت على الخط، مثل موضوع التحالفات الحزبية.

"تحالف الجمهور" الذي يضم "العدالة والتنمية" و"الحركة القومية" مازال على ذات حالة التنسيق التي كان عليها، وفق الكاتب وهو أستاذ في العلاقات الدولية أيضا.

ويضيف المقابل أن "الطاولة السداسية التي شكلتها المعارضة قبل قرابة العام تفككت، وحتى أن أطرافها دخلوا بسجالات حزبية معقدة"، وأن ذلك قد يمنح الكثير من الفرص لمرشحي "تحالف الجمهور".

ومع ذلك يرى الباحث أن "هناك تنسيقا غير معلن بين حزب ديم الكردي (الشعوب الديمقراطي سابقا) وحزب الشعب".

ويتابع أن "تأثير ذلك قد نراه في المدن الكبرى في إسطنبول وإزمير وأنقرة ومرسين وأضنة التي يلعب فيها الصوت الكردي دورا".

ويشرح الباحث السياسي التركي، هشام جوناي أن الشخصية المرشحة دائما ما تكون بارزة على نحو أكبر في الانتخابات المحلية وعند قياسها بالحزب ككل.

مثال على ما سبق يطرحه جوناي، بقوله إن "رئيس بلدية أنطاكيا الحالي عن حزب الشعب الجمهوري لطفي سافاش كان قبل دورتين ضمن صفوف العدالة والتنمية".

ويتابع في حديثه لموقع "الحرة" أن "هذه الحالة تشير إلى أن الناس وعندما يحبون شخصا لا ينظرون إلى أي حزب ينتمي".

"هناك أشخاص فازت في السابق وترشحت بشكل مستقل"، ويؤكد الباحث على فكرة "التأثير الخاص بالشخصيات المرشحة"، وأن ذلك قد نراه في الاستحقاق المقبل.

"صراع شخصي في إسطنبول"

وستبدأ عملية الاقتراع صباح يوم 31 من مارس، وسيكون اليوم الأول من أبريل تاريخا جديدا على صعيد بلديات المقاطعات، خاصة إسطنبول التي دائما ما ينظر إليها بعين الأهمية، إلى جانب أنقرة العاصمة السياسية لتركيا.

في الانتخابات المحلية لعام 2019، كان أحد أكثر الأمور التي تم الحديث عنها بعد انتخاب أكرم إمام أوغلو عمدة بلدية إسطنبول هو ما إذا كان سيكون مرشحا للرئاسة وما إذا كان سيفوز إذا كان كذلك.

واستمر الأمر خلال عملية اختيار المرشحين لانتخابات 2023. ومع ذلك، عندما كان المرشح الرئاسي كمال كيليتشدار أوغلو، لم يكن من الممكن اختبار الطرح المذكور.

ويقول الخبراء إنه إذا فاز إمام أوغلو مرة أخرى (دون الحاجة إلى تحالف) فإن يده ستكون أقوى بكثير وستحدد الانتخابات مستقبله السياسي، وفي حالة غير ذلك قد يستقر به الحال للانسحاب من المشهد السياسي.

يشير الباحث جوناي إلى أهمية المنافسة في إسطنبول، من زاوية الميزانية المخصصة لها، والتي تفوق ميزانيات مدن كثيرة في القارة الأوروبية.

ويقول إن "الصراع سيكون على التحكم بهذا القدر من المال ومصادر التمويل".

علاوة على ذلك تتمتع إسطنبول بأكبر عدد من السكان، ومن المعروف أنه عندما يكون شخصا ما في منصب رئيس البلدية سيكسب شعبية كبيرة، وفي حال أرضا السكان "سيكون له مستقبل سياسي"، وفق الباحث.

"الصراع الآن شخصي بين إردوغان وبين إمام أوغلو" رغم وجود مراد قوروم كمرشح، حسب جوناي. 

ويوضح أن إردوغان بدأ مشواره السياسي من إسطنبول، وكان أول منصب مهم بالنسبة لديه هو رئيس البلدية، التي بقيت في يد "العدالة والتنمية" طوال 25 عاما.

ولا يريد الآن تكرار الهزيمة في انتخابات 2019.

في المقابل وبالنسبة لإمام أوغلو يضيف جوناي أن حالة فوزه قد تعني أنه "سيحظى بكلمة ودور في إدارة البلاد، وربما سيترشح للرئاسة التركية في المرحلة المقبلة".

"معركة معنوية"

في غضون ذلك يعتقد الباحث وأستاذ العلاقات الدولية صالحة أن "معركة إسطنبول ستكون معنوية لكلا الطرفين"، أي المعارضة والحزب الحاكم.

ويشير إلى أهمية المدينة من منطلق "الموقع الاستراتيجي والسياحة والاستثمارات والموازنة المخصصة"، وأن "كل هذه العوامل تعكس أهمية المدينة الكبيرة، دون أن يشمل ذلك المسألة المعنوية".

صالحة يتوقع أن نرى في الانتخابات المحلية المقبلة ذات السيناريو الذي شهدناه في مايو الماضي، من زاوية "خلط الأوراق على مستوى الأحزاب والتحالفات".

ويقول إن "شكل النتائج قد يقرر ما يدور الحديث عنه بشأن الانتخابات المبكرة بعد 3 سنوات، ونية الرئيس التركي إردوغان الترشح لولاية رئاسية ثالثة".

وقد تكشف النتائج أيضا عن "مفاجأة" تتعلق بحصة حزب "الرفاه من جديد" الذي يتزعمه فاتح إربكان، والذي لم يتحالف مع "العدالة والتنمية" في هذه الانتخابات، وقرر خوضها منفردا. 

وكان الحزب المذكور قد حصل على 2.8 بالمئة من مجموع الأصوات في الانتخابات الماضية.

ويعتقد صالحة أن قراره المنفرد "يقلق قيادات حزب العدالة والتنمية في بعض المدن الحساسة"، ويلفت من جانب آخر إلى الصوت الكردي وما إذا كان سيلعب دورا كما في الانتخابات الماضية، لتعديل كفة مرشحي "الشعب الجمهوري".