مجابهة كورونا في المنطقة العربية - الفصل الأول

تم دعم هذا الدفتر من قبل مؤسسة روزا لكسمبورغ. يمكن استخدام محتوى المطبوعة أو جزء منه طالما تتم نسبته للمصدر.

كوفيد19 - في المنطقة العربية: ما الأمر؟

إشراف وتقديم: نهلة الشهّال

استاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي - رئيسة تحرير السفير العربي

كيف تعاملت منطقتنا مع وباء كورونا؟ ترصد الدفاتر الثلاثة المتتابعة، والتي تشكل وحدةً في نهاية المطاف، ما جرى في مصر والسودان وتونس والجزائر والمغرب وسوريا ولبنان والعراق واليمن وفلسطين وموريتانيا. وهي تطمح إلى تقديم صورة متكاملة قدر الإمكان للواقع المعيش خلال فترة الجائحة التي امتدت على ما يقرب من العامين... ولم تنتهِ بعد. صورةٌ تلتزم بتوفير المعطيات والمعلومات والأرقام، وإنما، وكذلك بتحليلها لتقدير مكانتها من الحدث الذي يقال فيه أنه "استثنائي"، والمصحوب بقدر كبير من الغموض، ومعه الخوف والألم.

ولكن، بعيداً عن الرغبة في إثارة الذعر، فلا تبدو جائحة كورونا استثنائيةً إلى هذا الحد. وهي قوربت من السلطات في العالم كله بتدبر آثارها المفجعة "بالتي هي أحسن"، أي بكثير من الترقيع، ولكن، وخصوصاً بتجنب النقاش حول الأعطاب البنيوية التي جعلت هذا التدبر متخبطاً وقاصراً: من القضاء أولاً على مكتسبات كانت قد تحققت، وإنْ بتفاوت، في أكثر بلدان العالم تقدماً، وجعلت عموماً من فكرة "الحق في الصحة" أساسياً، ولو بالحدود الدنيا، ثم جرت تصفيته لمصلحة الخصخصة المستعرة في العقود الثلاثة أو الأربعة الفائتة، إلى العبث ثانياً بالطبيعة وبتوازناتها من قبل الإنسان، واستباحتها باعتباره سيد الكون، ويمكنه ارتكاب ما يحلو له من استغلال للموارد، ومن كوارث بيئية، ومن تجريب مجرم، إلى التفاوت المخجل ثالثاً في القدرة على توفير الأدوية والعلاجات لمواجهة الوباء، وهو تفاوتٌ ظهر فيما بين بلدان العالم، وفي داخل كل بلد، وفق اعتبارات طبقية وجهوية وعرقية أحياناً، واعتبرته منظمة الصحة العالمية "كارثة أخلاقية"...

وقبل أن تنقضي كورونا، يجري اليوم التنبؤ بما سيليها، تماماً كما التذكير بأنها ليست خارجة من لا مكان، وأن الكوارث الصحية والوبائية والبيئية والمناخية صارت متتاليةً إلى الحد المنذر بالفناء. وهذا أمرٌ يعود إلى التنظيم الاجتماعي المطبّق، وليس إلى لعنة غامضة.

ولا يبدو أن ما بدا كيقظة في الوعي مع انطلاق كورونا - يحصد الأرواح ويدمر الاقتصاد ويعطل مقومات الحياة - لا يبدو أنه مستدام. فلم يُدفع بتلك اليقظة إلى الأمام، ولم تنفذ الوعود التي قطعت لحمل الناس على الصبر، ومنها استعادة الحق في الصحة العامة للجميع، ومنها ما قيل لتحفيز المعنيين من الطواقم الصحية على التفاني في مواجهة الجائحة.

وليس هناك ما يؤشر إلى أن الدروس المستخلصة من هذا الواقع ستكون من الجدية بحيث تغيّر شيئاً في هذا التنظيم الاجتماعي المجرم، القائم على أقصى ما يمكن من استغلال الموارد والبشر، وما ينتج عنه من بؤس، وحروب، وكل أشكال التدمير المتّبعة الأخرى. بل يجري التسلّي بالنقاش حول "مصدر" كورونا، في محاولة سخيفة للإلهاء، وللإيحاء بأنه عارضٌ استثنائي، حادث، وليس نتيجةً لمعطيات متشابكة وقابلة للتوقع.

***

في هذا الدفتر الأول، نتناول حالة البنى الصحية، بالمعنى الواسع، أي مقدار وجود الضمان الصحي والاجتماعي للناس، وتدابير السلطات لمجابهة الحالة غير المتوقعة، بما فيها احترام حق الناس بالمتابعة الطبية، وحالة المشافي، ومدى توفر التجهيزات والعلاجات، ووضع الطاقم الصحي، من أطباء وممرضين ومسعفين الخ... نعرض خريطة المشافي وأنواعها في المدن والمناطق (عام مجاني، خاص، مجهز أو أمكن تجهيزه ولو بحدود لهذا الغرض، أو متداعي)، ونقدم أيضاً صورةً تلخيصية لانتشار الوباء، وعدد الإصابات والوفيات... وهذا يعني أن نوثّق الموضوع من جهة، وأن يخرج القارئ من جهة أخرى بصورة واضحة عما جرى طوال ما يزيد عن العام.

وسيلي هذا الدفتر الاول، ثانٍ مخصص لتفحص مقولة أن مواجهة كورونا وفداحة إصاباته لا يمكن أن تكون فحسب تقنيةً أو طبية، وأنها رهن الشروط الاجتماعية والاقتصادية التي يعيش الناس في ظلها.. وأما الدفتر الثالث فمخصص لتفحص حملة اللقاحات التي يواجَه بها الوباء.

تونس

لبنان

سوريا

السودان

العراق

المغرب

الجزائر

اليمن

مصر

نسخة للطباعة
___________________
لوحات الدفتر: حيدر جبار - العراق
___________________
ترجمة نص الجزائر إلى العربية: محمد رامي عبد المولى
___________________

محتوى هذا الدفتر هو مسؤولية السفير العربي ولا يعبّر بالضرورة عن موقف مؤسسة روزا لكسمبورغ.