من هو نوري المالكي؟

قاوم المالكي ضغوطا أمريكية لتمديد الوجود العسكري الأمريكي بالعراق

صدر الصورة، Reuters

التعليق على الصورة، قاوم المالكي ضغوطا أمريكية لتمديد الوجود العسكري الأمريكي بالعراق

تمكن رئيس وزراء العراق، نوري المالكي، من الوصول أول مرة إلى السلطة عام 2006 وسط أحداث عنف طائفي كانت تهدد البلاد.

واستمر المالكي في منصبه منذ ذلك الحين وحتى الآن رغم تراجع دعمه من جانب السنة والأكراد.

وقاوم المالكي ضغوط واشنطن التي كانت تدفع به نحو طلب تمديد وجود القوات الأمريكية بالعراق لفترة أطول وقاد حملة لإنهاء الوجود العسكري الأمريكي في البلاد.

رغم ذلك، ومع فوز تحالفه في الانتخابات البرلمانية بشق الأنفس، صارع المالكي من أجل احتواء موجة العنف التي أسفرت عن فقد الحكومة العراقية السيطرة على مدن عديدة.

وأُجبر رئيس وزراء العراق أيضا للدفاع عن نفسه من اتهامات باستغلال القضاء لسجن خصومه السياسيين وتكميم أفواههم.

منفى اختياري

وُلد نوري المالكي بالقرب من مدينة الحلة في عام 1950، وحصل على درجة الماجستير في الأدب العربي، وهو متزوج ولديه أربع بنات وابن واحد.

وفي سبعينيات القرن العشرين، غادر المالكي العراق إلى سوريا. وفي منفاه الاختياري، قاد حزب الدعوة في الثمانينيات.

وكان جد المالكي، محمد حسن أبو المحاسن، شاعرا ومقاتلا ثائرا، قاوم الاحتلال البريطاني للعراق في العشرينيات من القرن العشرين.

ويرى البعض أن جده هو مصدر الإلهام الذي يستوحي منه رئيس الوزراء العراقي أفكاره القومية القوية، وهو الذي دفعه إلى اتخاذ القرار بالانضمام إلى حزب الدعوة الإسلامية الشيعي أثناء دراسته بالجامعة في بغداد في السبعينيات من القرن العشرين.

وفي فترة ما بعد صدام حسين، وبعد وصوله إلى السلطة في 2006، سعى المالكي إلى إثبات أنه زعيم قوي وموحد للبلاد.

ومع ذلك، توجه اتهامات إلى المالكي منذ انتخابات 2010 بأنه أهمل استراتيجية التوافق لصالح تركيز السلطة في أيدي حلفائه الذين ينتمي أغلبهم إلى الطائفة الشيعية. كما أشارت الاتهامات إلى أنه متحالف أكثر مع إيران ويتخذ مواقف تتبناها طهران من بعض الأمور منها، على سبيل المثال، الموقف من الصراع في سوريا.

نوّع المالكي مصادر شراء السلاح العراقي مما أضعف نفوذ الولايات المتحدة في بغداد

صدر الصورة، AP

التعليق على الصورة، نوّع المالكي مصادر شراء السلاح العراقي مما أضعف نفوذ الولايات المتحدة في بغداد

العودة إلى العراق

عاد المالكي إلى العراق من منفاه بعد أن أزاح غزو العراق بقيادة الولايات المتحدة الرئيس العراقي السابق صدام حسين عام 2003، ومن ثم برز حزب الدعوة الإسلامية كأحد القوى السياسية الرئيسة بالبلاد مع وجود المالكي في طليعة قيادات الحزب.

عمل نوري المالكي كمتحدث رسمي باسم حزب الدعوة الإسلامية وائتلاف الأحزاب الشيعية، والائتلاف العراقي الموحد الذي فاز بأغلب المقاعد في الانتخابات التشريعية التي شهدها العراق عام 2005. وكان المالكي معروفا إلى حد ما لدى العراقيين قبل ترشحه لمنصب رئيس الوزراء عام 2006.

وساعد المالكي أيضا في صياغة مسودة الدستور العراقي الجديد بصفته أحد أعضاء اللجنة التي شكلتها الولايات المتحدة وكلفتها بمهمة تخليص العراق من تركة البعثيين.

وكان عمل اللجنة محل انتقاد لامتداد ضرباتها إلى المسؤولين الذين كانوا أعضاء بحزب البعث.

أوقات عاصفة

في عام 2007، فوض المالكي القوات الأمريكية بتوجيه ضربة إلى مليشيات السنة التابعة لتنظيم القاعدة، وقاد حملة ضد المليشيات الشيعية الموالية للزعيم الديني الشيعي الأصولي مقتدى الصدر في عام 2008.

وتحت نيران الحلفاء الشيعة من جهة والضغوط التي كانت تدفع به في اتجاه المصالحة مع المجتمع السني بالعراق من جهة أخرى، انفصل المالكي عن الائتلاف العراقي الموحد وكون ائتلافا جديدا يتمتع بقاعدة شعبية أوسع تحت اسم "ائتلاف دولة القانون".

وخاض الائتلاف الجديد الانتخابات البرلمانية في 2010 بحملته التي حملت شعار "عراق واحد"، إلا أنه مُني بخسارة بفارق مقعدين عن ائتلاف "العراقية" المدعوم بأغلبية سنية والموالي لرئيس الوزراء السابق إياد علاوي.

يواجه المالكي اتهامات بالمحسوبية وسوء إدارة الموارد النفطية بالبلاد

صدر الصورة، AFP

التعليق على الصورة، يواجه المالكي اتهامات بالمحسوبية وسوء إدارة الموارد النفطية بالبلاد

وعلى مدار الأشهر التي شهدت الأزمة في أعقاب الانتخابات، واجه المالكي اتهامات بالتوجه إلى إيران لمساعدته في تدعيم سلطته للاستمرار في منصب رئيس الوزراء. وكان الدعم الذي تلقاه من تكتل مقتدى الصدر – والذي نظر البعض إليه على أنه جاء بضغط من الحكومة الإيرانية على الصدر - من أهم العوامل التي دعمت نوري المالكي.

تحالف هش

بعد ثمانية أشهر من المفاوضات التي جرت وسط أجواء مضطربة، توصل المالكي إلى تشكيل حكومة ائتلافية تضمنت أعضاء من تكتل العراقية.

وسرعان ما انكشفت نوايا تلك الحكومة بعد انسحاب القوات الأمريكية، عندما استصدرت مذكرة اعتقال بحق نائب الرئيس العراقي، طارق الهاشمي العضو بائتلاف العراقية.

ووُجهت اتهامات للهاشمي بتمويل هجمات على مسؤولين أمنيين وحكوميين أثناء أحداث التمرد الدامي بالعراق. كما حُكم عليه غيابيا بالإعدام في سبتمبر/ أيلول 2012، ولجأ سياسيا إلى تركيا منذ ذلك الحين.

وكان المالكي قد نفى أن تكون أي من تلك التهم موجهة إلى الهاشمي بدافع سياسي.

التمرد المسلح

منذ عام 2012، يواجه نوري المالكي احتجاجات شعبية وتمردا مسلحا على نطاق واسع تقوده الجماعات المقاتلة المعروفة في المنطقة باسم "تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق".

وصارع المالكي من أجل مواجهة الجماعات المسلحة الجديدة التي تمارس أنشطتها على الحدود السورية العراقية.

ونجحت إحدى أقوى تلك الجماعات - وهي الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام "داعش" - في طرد قوات الأمن الحكومية من العديد من مدن العراق، كما وقعت أجزاء كبيرة من محافظة الأنبار تحت سيطرة هذه الجماعات المسلحة المرتبطة بتنظيم القاعدة منذ أشهر عدة.

منذ عام 2012، يواجه المالكي احتجاجات شعبية وعنف مسلح

صدر الصورة، Getty

التعليق على الصورة، منذ عام 2012، يواجه المالكي احتجاجات شعبية وعنف مسلح

وكان المالكي قد اتهم السعودية بأنها وراء الاضطرابات التي تشهدها بلاده.

البقاء في السلطة

يتهم العراقيون المالكي بالمحسوبية وسوء إدارة ثروات النفط الهائلة. فصهراه يعملان في مكتبه برئاسة الوزراء بينما يرأس ابنه أحمد قوات التأمين الخاصة به في الوقت الذي لا زال غالبية العراقيين يعانون من الفقر والتخلف.

ورغم كل هذه الصعوبات، فاز ائتلاف دولة القانون بأغلبية الأصوات في الانتخابات البرلمانية التي أُجريت في ابريل/ نيسان 2014.

وعلى ذلك، من المتوقع أن يتولى نوري المالكي رئاسة وزراء العراق لفترة ثالثة، حيث لا يوجد في الدستور العراقي ما يحدد عدد الفترات التي من الممكن أن يتولى خلالها نفس الشخص منصب رئيس الوزراء.

وكانت هناك محاولة من جانب البرلمان لإقرار مادة بالدستور تحدد فترات تولي رئاسة الوزراء بثلاث فترات لمنع المالكي من تولي المنصب مرة أخرى، إلا أن المحكمة العليا العراقية رفضت تلك الدعوى.