حركة الشباب مسؤولة عن العديد من الهجمات الدامية في الصومال
حركة الشباب مسؤولة عن العديد من الهجمات الدامية في الصومال

أدى اختفاء ضابطة استخبارات صومالية شابة إلى تأجيج الصراع على السلطة بين الرئيس ورئيس الوزراء الصوماليين، وهو توتر أدى "تمزيق الحكومة"، وربما يفتح فرصا جديدة للمسلحين المرتبطين بتنظيم "القاعدة"، وفق تقرير لواشنطن بوست.

وتصاعد التوتر منذ نحو أسبوعين بين الرئيس، محمد عبدالله محمد، ولقبه "فرماجو"، ورئيس الوزراء، محمد حسين روبلي، في بلد يواجه بالفعل جمودا سياسيا وتمردا لحركة الشباب منذ عام 2007.

والخميس، سحب الرئيس الصومالي من روبلي "السلطات التنفيذية لاسيما صلاحية إقالة و/أو تعيين مسؤولين"، فرد الأخير بإعلان "رفضه القرار غير القانوني والذي لا أساس له".

واختلف المسؤولان في الأسابيع الأخيرة حول إقالة وتعيين قادة في الجهاز الأمني، بينهم مدير وكالة الاستخبارات والأمن، فهد ياسين، الذي أقاله روبلي في مطلع سبتمبر، لتعامله مع التحقيق بشأن ضابطة الاستخبارات التي كانت تعمل في الجهاز.

وقالت التحقيقات إن الضابطة اختطفت قرب منزلها في العاصمة مقديشو، في يونيو، ثم قتلت على يد جماعة "الشباب"، لكن الجماعة نفت ذلك.

وقالت والدتها، قالي محمود، في مقابلة إنها لا تزال تأمل في أن تكون ابنتها على قيد الحياة في مكان ما، مشيرة إلى أنها لا تعرف سبب اختطافها، لكنها قالت إنه كان بحوزتها معلومات عن جنود من الصومال يشاع أن الحكومة أرسلتهم للقتال في إثيوبيا، وهو أمر اتهم فيه سابقا الرئيس الصومالي.

أزمة تخدم تنظيم "القاعدة"

وأدت إقالة المستشار المقرب من الرئيس إلى أزمة سياسية عميقة، ويقول خبراء للصحيفة إن "المواجهة السياسية قد تتحول إلى أزمة أمنية، ويمكن أن يقوي ذلك من قوة حركة 'الشباب'، التي تقاتلها الحكومة الصومالية منذ سنوات، مدعومة بمليارات الدولارات من الولايات المتحدة".

ويقول عمر محمود، كبير محللي شؤون الصومال في مجموعة الأزمات الدولية لواشنطن بوست: "في أي وقت يكون لديك هذا المستوى من الاقتتال السياسي، فإنه يفيد حركة الشباب، بعدة طرق.. "وهو ما يؤكد أن الحكومة الفيدرالية غير فعالة وضعيفة وقابلة للانقسام".

ويرى المحلل أن الأحداث الأخيرة "كانت مجرد مثال واحد على زيادة التوترات التي قد تؤدي إلى مزيد من تأخير عملية الانتخابات البطيئة بالفعل".

وينص الجدول الزمني الانتخابي المتفق عليه، بانتخاب رئيس للبلاد في 10 أكتوبر المقبل، لكن العملية تم إرجاؤها من قبل.

وفرماجو، الذي يشغل منصب الرئيس منذ 2017، انتهت ولايته، في الثامن من فبراير الماضي، من دون أن يتمكن من الاتفاق مع قادة المناطق على تنظيم الانتخابات، ما تسبب بأزمة دستورية خطرة.

وأدى إعلان تمديد ولايته، في منتصف أبريل الماضي، لمدة عامين، إلى اندلاع اشتباكات في مقديشو، أحيت ذكريات سنوات من الحرب الأهلية في البلاد بعد عام 1991.

وفي خطوة لاحتواء التوتر، كلف فرماجو رئيس وزرائه بتنظيم الانتخابات. وتمكن روبلي من التوصل لاتفاق حول انتخاب رئيس للبلاد في 10 أكتوبر. 

لكن العملية الانتخابية تأخرت، ويفترض أن يتم تعيين أعضاء مجلس النواب، وهي الخطوة الأخيرة قبل انتخاب رئيس الدولة حسب النظام الانتخابي للصومال، بين الأول من أكتوبر و25 نوفمبر.

وينهك الصراع بين الرئيس ورئيس الوزراء الحكومة الفيدرالية "الضعيفة بالفعل" في حربها ضد حركة "الشباب". وتسيطر السلطات الفيدرالية على جزء صغير فقط من مساحة البلاد، فيما تسيطر الحركة على مناطق ريفية شاسعة وتنفذ هجمات متكررة في العاصمة، وفق فرانس برس.

وقال مسؤول استخباراتي أميركي، الإثنين، إن أكبر تهديد إرهابي للولايات المتحدة لا يأتي من أفغانستان ولكن من دول مثل الصومال واليمن وسوريا والعراق.

وقال النائب الجمهوري البارز من ولاية تكساس، مايكل ماكول، وعضو لجنة الشؤون الخارجية إنه "يراقب عن كثب الانقسامات السياسية الحالية داخل الصومال  ويشعر بقلق عميق بشأن مسار البلاد".

وذكر ماكول في بيان: "مع انسحاب القوات الأميركية من الصومال وجرأة 'القاعدة' بعد الانهيار المستمر في أفغانستان، فإن حركة 'الشباب' تأخذ ذلك في الاعتبار".

وقال إنهم "يشكلون تهديدا خطيرا على مصالح الولايات المتحدة وأراضيها" مضيفا: "لسوء الحظ، سنوات من الدعم للقوات المسلحة الصومالية ومساعدات بمليارات الدولارات لم تؤد تقريبا إلى أي استقرار دائم في البلاد".

وأصدر أعضاء مجلس الأمن الدولي، التابع للأمم المتحدة بيانا، السبت، أعربوا فيه عن "القلق العميق بشأن الخلاف المستمر داخل الحكومة الصومالية والتأثير السلبي على الجدول الزمني والعملية الانتخابية".

وحث الأعضاء"جميع المعنيين على ضبط النفس" وشددوا على "أهمية الحفاظ على السلام والأمن والاستقرار" ودعوا "جميع الأطراف إلى حل خلافاتهم بالحوار" و"إعطاء الأولوية لإجراء انتخابات شفافة وشاملة وذات مصداقية".

وحذرت بعثة الأمم المتحدة في الصومال في بيان، الجمعة، من أن الصراع يمكن أن "يقوض استقرار الصومال ويعرقل العملية الانتخابية".

نشطاء نظموا احتجاجات سابقة للتعبير عن معارضة الخطة
نشطاء نظموا احتجاجات سابقة للتعبير عن معارضة الخطة

نجح رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، أخيرا في إقرار مشروع قانون مثير للجدل، يتيح للسلطات ترحيل طالبي لجوء وصلوا إلى المملكة المتحدة بطريقة غير نظامية إلى رواندا.

وجاءت مصادقة البرلمان على المشروع، بعد أن ظل عالقا لأشهر بين مجلسي اللوردات والعموم، قبل أن يوافق اللوردات في نهاية المطاف على عدم إدخال أي تعديلات إضافية على النص، مما أتاح إقراره، على أن يدخل حيز التنفيذ حالما يصادق عليه الملك.

وكان الجمود التشريعي العقبة الأخيرة في مسار تبني الخطة المثيرة للجدل والتي واجهت معارضة قضاة المحكمة العليا وانتقادات نشطاء حقوق الإنسان الذين يقولون إنها غير قانونية وغير إنسانية، بينما تعهد المدافعون عن المهاجرين بمواصلة معارضة الإجراء.

اتفاقية اللجوء

ومنذ اللحظة التي تم فيها تقديم الخطة لأول مرة خلال ولاية رئيس الحكومة الأسبق، بوريس جونسون، قالت منظمات دولية وخبراء إنها تنتهك التزامات البلاد في مجال حقوق الإنسان بموجب القانونين المحلي والدولي.

وأعلنت الحكومة البريطانية، في أبريل عام 2022، عن شراكة جديدة للهجرة والتنمية الاقتصادية مع حكومة رواندا، والتي أعيدت تسميتها لاحقا باسم شراكة اللجوء بين المملكة المتحدة ورواندا. 

ووقعت الحكومتان بعد ذلك على معاهدة شراكة اللجوء، في 5 ديسمبر عام 2023، ونشرت الحكومة البريطانية مشروع القانون في اليوم الموالي.

وبموجب هذا القانون، سيتم نقل طالبي اللجوء في المملكة المتحدة إلى رواندا قبل النظر في طلبات لجوئهم. وسيكون من مسؤولية نظام اللجوء الوطني الرواندي النظر في حاجتهم للحماية الدولية. وسيبقى الأشخاص المنقولون إلى رواندا، حتى لو منحوا وضع اللاجئ أو الإنساني، في البلد الأفريقي.

وتعتقد المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن ترتيب المملكة المتحدة ورواندا يحمل "مخاطر خطيرة على سلامة اللاجئين".

كما أنه يمثل نموذجا "يقوض التضامن العالمي ونظام الحماية الدولية المعمول به للاجئين. وهو لا يتوافق مع القانون الدولي للاجئين"، بحسب المفوضية.

قرار قضائي سابق

ولجأ رئيس الوزراء البريطاني، لإقرار هذا التشريع ردا على حكم أصدرته المحكمة العليا، العام الماضي، واعتبرت فيه أن إرسال طالبي اللجوء إلى رواندا مخالف للقانون الدولي.

وقضت المحكمة العليا في المملكة المتحدة، في نوفمبر عام 2023، بالإجماع بأن مخطط ترحيل اللاجئين نحو رواندا غير قانوني.

واعتبرت أن اللاجئين سيكونون معرضين لخطر العودة إلى بلدانهم الأصلية، حيث قد يتعرضون للأذى.

وتنتهك الخطة أيضا، بحسب القرار، الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، التي وقعت عليها بريطانيا، والتي تحظر التعذيب والمعاملة اللاإنسانية.

كما لفت الحكم إلى المخاوف بشأن سجل رواندا السيئ في مجال حقوق الإنسان، ومعاملتها السابقة للاجئين.

وقال القضاة، إنه في عام 2021، انتقدت حكومة المملكة المتحدة نفسها رواندا بسبب "عمليات القتل خارج نطاق القضاء، والوفيات أثناء الاحتجاز والاختفاء القسري والتعذيب"، مسلطين الضوء على واقعة فتح الشرطة الرواندية للنار على لاجئين محتجين، عام 2018.

ويسعى سوناك وحزب المحافظين الحاكم من خلال تمرير هذا النص إلى إجبار القضاة على اعتبار رواندا الواقعة في شرق أفريقيا دولة ثالثة آمنة، وفقا لفرانس برس.

سجل عام 2022 رقما قياسي بلغ 45775 مهاجرا وصلوا على متن قوارب صغيرة إلى الشواطئ الجنوبية لإنجلترا

تطبيق الخطة 

ويأتي النقاش في بريطانيا في وقت تبحث فيه دول في جميع أنحاء أوروبا الغربية وأميركا الشمالية عن طرق لإبطاء العدد المتزايد من المهاجرين حيث تجبر الحروب وتغير المناخ والقمع آلاف الأشخاص على ترك منازلهم.

وارتفع عدد المهاجرين الذين يصلون إلى بريطانيا عبر القوارب إلى 45774، في عام 2022، من 299 فقط قبل أربع سنوات، حيث يدفع الباحثون عن اللجوء آلاف الجنيهات الاسترلينية للعصابات الإجرامية لنقلهم عبر بحر المانش انطلاقا من السواحل الفرنسية.

وفي العام الماضي، انخفض عدد الوافدين على متن هذه القوارب الصغيرة إلى 29437 شخصا، حيث قامت الحكومة باتخاذ إجراءات صارمة ضد مهربي البشر وتوصلت إلى اتفاق لإعادة المهاجرين الألبان إلى وطنهم، وفقا لأسوشيتد برس.

وتتعرض حكومة سوناك لضغوط متزايدة لخفض الأعداد القياسية لطالبي اللجوء. وتعهد بعد تبني القرار بتنظيم الحكومة رحلات بشكل دوري لترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا خلال الصيف وبعده "إلى أن تتوقف القوارب" التي تصل إلى المملكة المتحدة.

ومن المتوقع أن يحصل مشروع القانون على الموافقة الملكية، الثلاثاء. وقالت مصادر بوزارة الداخلية  للغارديان، إنها حددت بالفعل مجموعة من طالبي اللجوء ذوي المطالب القانونية الضعيفة للبقاء في المملكة المتحدة والذين سيكونون جزءا من الدفعة الأولى التي سيتم إرسالها إلى شرق إفريقيا في يوليو، وفقا للغارديان.

وأكد سوناك أن الحكومة جهزت مطارا وحجزت طائرات تجارية مستأجرة للرحلة الأولى.

وقلصت وزارة الداخلية قائمة الدفعة الأولى للمهاجرين إلى 350 مهاجرا، يُعتقد أنهم يشكلون أقل خطر لتقديم اعتراضات قانونية ناجحة تمنع ترحيلهم.

وبينما يمنح التشريع الجديد الوزراء صلاحية التغاضي عن أجزاء من القانون الدولي وقانون حقوق الإنسان البريطاني، وفقا لفرانس برس. قال محامون لصحيفة الغارديان، إنهم سيعدون دفوعات قضائية نيابة عن طالبي اللجوء الأفراد.

ويمكنهم الطعن في ترحيلهم على أساس كل حالة على حدة، مما قد يؤدي إلى سحبهم من قائمة المرحلين.

ويسمح القانون الجديد بتقديم طعون ضد الترحيل، إذا كان المحتجز يواجه "خطرا حقيقيا ووشيكا ويمكن توقعه، في حالة ترحيله إلى رواندا".

ويجب عليهم تقديم استئناف في غضون 8 أيام من تلقي خطاب الترحيل. ثم سيتم منح وزارة الداخلية عدة أيام للرد. إذا تم رفض استئنافهم، سيتم منح الشخص الذي يطلب اللجوء 7 أيام لتقديم استئناف نهائي إلى محكمة الدرجة العليا، والتي ستبت في مطالبته في غضون 23 يوما إضافيا.

وقال تيم بيل، أستاذ السياسة بجامعة كوين ماري في لندن، إنه على الرغم من موافقة البرلمان على التشريع، فإن المزيد من الطعون القضائية قد تؤدي إلى تأخير رحلات الترحيل، مضيفا أنه "سنرى بعض المحاولات لمنع عمليات الترحيل بشكل قانوني".

وقد أكد المكتب الوطني لمراجعة الحسابات أن الخطة ستكلف 1.8 مليون جنيه استرليني (حوالي 2.2 مليون دولار) لكل من المرحلين الـ 300 الأوائل.

وكشف وزير الداخلية لأعضاء مجلس اللوردات خلال واحدة من المناقشات العديدة التي عقدت، الاثنين،  أن الحكومة ستستثني أولئك المؤهلين بموجب سياسة إعادة التوطين والمساعدة الأفغانية (آراب) إلى رواندا.

مبعث قلق للحقوقيين ولموظفين

ويشعر المحامون الذين يمثلون طالبي اللجوء بقلق بالغ من أنه سيكون هناك خطر الانتحار بين أولئك الذين سيتم ترحيلهم إلى رواندا.

كما حذر موظفو وزارة الداخلية، سرا من خطر اختفاء آلاف طالبي اللجوء بمجرد بدء عمليات إخطارهم، قبل إرسالهم إلى كيغالي، وفقا للغارديان.

من جهتها، أعربت النقابات التي تمثل حرس الحدود عن قلقها من أن بعض أصحاب المطالبات قد يلجؤون إلى مهاجمة أعضائها لتجنب ترحيلهم، بحسب الصحيفة البريطانية.

وقالت نقابة  "آي إس يو"، التي تمثل قوة الحدود في الخطوط الأمامية وعمال الهجرة، إن أعضاءها يشعرون بالقلق إزاء المقاومة الجسدية المحتملة من الأشخاص الذين يتم احتجازهم في رحلات جوية إلى رواندا، وعلى متن الطائرة ذاتها.

وقالت لوسي موريتون، المسؤولة المهنية في وحدة دعم التنفيذ: "بالنظر إلى التعهد بأننا لن نرسل أي شخص لديه سجل إجرامي إلى رواندا، وبالنظر إلى المخاطر الكبيرة التي ينطوي عليها الأمر، هناك مخاوف جدية من أن المهاجرين قد يلجؤون إلى الاعتداء على الموظفين كوسيلة لتجنب الترحيل".

وبحسب أسوشيتد برس، فقد راهن سوناك بمستقبله السياسي على رحلات الترحيل، مما جعل تعهده بـ "إيقاف القوارب" جزءا أساسيا من خطابه أمام الناخبين، حيث تظهر استطلاعات الرأي أن حزب المحافظين الذي يتزعمه يتخلف كثيرا عن حزب العمال قبل الانتخابات العامة في وقت لاحق من هذا العام. 

ويُنظر إلى الانتخابات المحلية المقررة الأسبوع المقبل على أنها مقياس لكيفية أداء الأحزاب في الانتخابات العامة.