كيف دخلت فنزويلا في أزمة؟ وما السبيل للخروج منها؟

Crude oil drips from a valve at an oil well operated by Venezuela's state oil company PDVSA in Morichal July 28, 2011. PDVSA will invest $18 billion this year with $2 billion of that earmarked for new output from the OPEC nation's vast Orinoco heavy crude fields, officials said on Thursday. REUTERS/Carlos Garcia Rawlins (VENEZUELA - Tags: ENERGY POLITICS BUSINESS)
النفط يمثل 90% من حصيلة صادرات فنزويلا (رويترز)

تمر فنزويلا بأزمة سياسية خطيرة، جاءت نتيجة مباشرة لانهيار اقتصادي على المدى الطويل، كما قال تقرير نشرته مجلة "لاكابيتال" الفرنسية. وفي ما يلي أسباب الوضع الاقتصادي اليائس للبلاد، والوسائل التي يمكن أن تعتمدها كراكاس من أجل السيطرة على الوضع.

ذكر الكاتب نيكولاس غالنت أنه وفقا لمدير الدراسات الاقتصادية في معهد الاقتصاد العلمي والإدارة الفرنسي إريك دور، فإن الأزمة في فنزويلا تعتبر "استثنائية من حيث الحجم وآثارها الإنسانية والديموغرافية على حد سواء؛ إذ تعاني البلاد من هجرة هائلة، لأن سكانها يعانون من الجوع ومحرومون من الأدوية".

وعلاوة على النقص الخطير في الضروريات الأساسية، يواجه الفنزويليون أيضا صعوبات متعلقة بمجال النفط، الذي يعد المصدر الرئيسي لموارد البلاد.

اقتصاد يفتقر للتنوع
وأكد الكاتب أن فنزويلا دولة غنية بالنفط، حيث قدرت احتياطاتها المؤكدة بنحو 303 مليارات برميل في نهاية سنة 2017، وفقا لما أفاد به الأستاذ في مدرسة غرونوبل للإدارة جورج فانيل.

لكن من ناحية أخرى، دفعت وفرة الذهب الأسود الرئيس السابق هوغو تشافيز إلى المراهنة أكثر على النفط، على حساب قطاعات اقتصادية أخرى. ونتج عن ذلك اقتصاد غير متنوع بما فيه الكفاية، حيث يمثل النفط 90% من حصيلة صادراته، حسب إيريك دور.

وأدت تقلبات أسعار النفط إلى تراجع حاد للناتج المحلي الإجمالي وعائدات البلاد بشكل حاد.

ويشير الخبير إريك دور إلى أن هذه التبعية للنفط تشكل مشكلة بالنسبة للاقتصاد، فضلا عن أن إدارة الاقتصاد سيئة للغاية لدرجة عدم صيانة المنشآت النفطية ومصافي البلاد.

‪مراهنة فنزويلا على النفط حرمها من تنويع اقتصاد‬ مراهنة فنزويلا على النفط حرمها من تنويع اقتصادها (رويترز)
‪مراهنة فنزويلا على النفط حرمها من تنويع اقتصاد‬ مراهنة فنزويلا على النفط حرمها من تنويع اقتصادها (رويترز)

عجز مرتفع
وبحسب الكاتب، انهارت عائدات الصادرات على خلفية الأزمة المالية والاقتصادية العالمية في 2008، وفقدت أسعار النفط ثلاثة أرباع قيمتها في غضون بضعة أشهر فقط.

ونقل التقرير عن الخبير الاقتصادي قوله إن "العجز العام ارتفع بشكل ملحوظ جدا، ذلك أن الدولة لم تسيطر على إنفاقها".

ومن أجل السيطرة على هذا العجز العام -يقول الكاتب- طبعت كراكاس الكثير من الأوراق المالية، لتنهار بذلك قيمة البوليفار مقابل الدولار، مما دفع الفنزويليين إلى تحويل أجورهم من البوليفار في السوق السوداء.

وبحسب الكاتب، أدى انهيار البوليفار إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة، مما زاد نسبة التضخم.

وقال إنه من المتوقع أن يصل ارتفاع أسعار المستهلك إلى عشرة ملايين في المئة العام الحالي، وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي.

القضاء على التضخم المفرط
من أجل تجاوز الوضع الكارثي الحالي، ينبغي على فنزويلا في مرحلة أولى أن تتمكن من وضع حد للتضخم المفرط، مثلما نجحت في ذلك كل من ألمانيا (1923)، والمجر (1946)، ويوغوسلافيا (1994).

ولتحقيق ذلك، من الضروري "حذف العملة الوطنية لصالح عملة وطنية جديدة من شأنها أن تكون محل ثقة وتحافظ على قيمتها"، كما يقول التقرير.

ولأجل ذلك -يضيف التقرير- يجب أن تستعمل البلاد الذهب والعملات الأجنبية كأداة للتحوط، كما كانت الحال في المجر ويوغوسلافيا، بحسب ما ينقله التقرير عن الخبير إيريك دور.

‪(الأوروبية)‬ أدى انهيار البوليفار إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة
‪(الأوروبية)‬ أدى انهيار البوليفار إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة

وعلى غرار الإكوادور سنة 2000، كان بإمكان فنزويلا -فقا لهذا الخبير-"التفكير في "دولرة" الاقتصاد (استخدام العملات الأجنبية كأداء وحيدة للوفاء بالالتزامات والديون). ونجحت الإكوادور في القضاء على التضخم من خلال إزالة عملتها الوطنية لصالح الدولار".

وينقل التقرير عن الخبير ذاته قوله "قد ينجح هذا الأمر، شريطة دخول دولارات كافية إلى فنزويلا".

كما يوجد بديل "للدولرة" يتمثل في اللجوء لما يسمى مجلس العملة، حيث يتولى إصدار عملة خاصة لكن مع تغطية بالعملات الأجنبية، خاصة الدولار الأميركي.

إعادة هيكلة الديون
ذكر الكاتب أن ديون فنزويلا بحاجة إلى إعادة هيكلة، وقد فسر إريك دور أن "هذا الأمر هو ما يجب على الدائنين الدوليين في كراكاس القبول به، حسب ما يذكره التقرير.

كما يجب على صندوق النقد الدولي منح البلاد تسهيلات ائتمانية لضمان توفير واردات الغذاء والدواء. وفي الوقت ذاته، تحتاج البلاد إلى تبرع بقيمة عشرين مليار دولار على الأقل، ومع ذلك، لن تقبل الولايات المتحدة مثل هذه التطورات إلا بعد إنهاء عصر الرئيس نيكولاس مادورو، كما يوضح التقرير.

وبحسب التقرير، أوصى الخبير إريك دور بوقف التحكم في الأسعار والقيام بإصلاحات تعزز الاستثمار، وهو الشرط الأساسي لتنويع الاقتصاد، فضلا عن التخلي عن الأيديولوجيات القائمة.

المصدر : الصحافة الفرنسية