ماذا بعد؟! (ورقة موقف عن تعديل أحكام قانون النقابات الفنية)

تاريخ النشر : الثلاثاء, 29 نوفمبر, 2022
Facebook
Twitter

ملخص تنفيذي

 

في نهاية 2021 رفض البرلمان المصري مشروعًا مقدمًا من الحكومة المصرية لتعديل قانون النقابات الفنية، وعلى الرغم من أن القانون يحتاج إلى تعديلات جوهرية سواء فيما يتعلق بالعضوية أو فلسفة القانون في حد ذاته، خاصة في ظل عدم إدخال تعديلات مهمة منذ إقراره، فإن ما طرحته التعديلات يقيد حرية الإبداع، ويظل قاصرًا مقارنة بما يحتاجه القانون ليكون مظلة حماية للإبداع والمبدعين في مصر. وترى مؤسسة حرية الفكر والتعبير أن الدور التشريعي الحالي والذي بدأ في أكتوبر الجاري، قد يكون فرصة مواتية لإعادة فتح نقاش حول القانون مع الجهات والمؤسسات والأفراد ذات الصلة بالقانون، بحيث يكون جوهر التعديلات هو انفتاح القانون والنقابات الفنية تجاه الألوان والأشكال الفنية الجديدة أو التي ستطرأ، وذلك عوضًا عن الرفض والمنع والإقصاء.

 

تناقش هذه الورقة التعديلات التي طرحتها الحكومة المصرية على القانون، وتطرح في مقابلها تعديلات تصب في صالح حرية الإبداع، وتصب كذلك في زيادة عضوية النقابات الفنية وما يعنيه ذلك من زيادة في موارد النقابة، وهو ما نأمل أن يكون جزءًا من سلسلة تتناول تفصيلًا قانون النقابات الفنية ولكن من زاوية تدعم وتراعي حرية الإبداع الفني.

 

خلفية

 

رفض مجلس النواب، في نوفمبر 2021، مشروع قانون مُقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم 35 لسنة 1978 في شأن إنشاء نقابات واتحاد نقابات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية، وذلك خلال انعقاد الجلسة العامة، التي ناقشت المشروع من حيث المبدأ.

 

كانت لجنة برلمانية مشتركة مكونة من لجان الإعلام والثقافة والآثار، والخطة والموازنة، الشؤون الدستورية والتشريعية، والقوى العاملة، قد وافقت على مشروع قانون مقدم من مجلس الوزراء في سبتمبر 2021، بعد إضافة تعديلات طفيفة لم تخل بمضمون مشروع القانون، وهي اللجنة التي كان قد شكلها المستشار حنفي جبالي رئيس مجلس النواب، وتولت إعداد تقرير حول القانون بعد اجتماعات مع اتحاد عام النقابات الفنية بشأن القانون.

 

وتضمن المشروع 3 تعديلات جوهرية تخص القانون؛ الأول يستبدل بنص المادة 5 مكررًا من القانون، والتي تتضمن الحبس كعقوبة مزاولة المهنة دون تصريح، غرامة مالية لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على مئة ألف جنيه، على أن تضاعَف الغرامة في حالة العودة إلى المخالفة. تجدر الإشارة هنا إلى أن إلغاء عقوبة الحبس جاء متماشيًا مع حكم المحكمة الدستورية العليا، في الدعوى رقم 66 لسنة 31، والذي قضى بعدم دستورية عقوبة الحبس المضمنة بهذه المادة كجزاء لمزاولة المهنة بدون تصريح.

 

وتمثَّل التعديل الثاني في رفع رسوم القيد، وصناديق الإعانات والمعاشات، وغيرها من التزامات الأعضاء المالية تجاه النقابة، حيث استبدلت المادة 8 فقرة أولى رسم القيد مبلغ 1000 جنيه مصري بدلاً من 5 جنيهات، والمادة 13 إعادة القيد بمبلغ 3000 جنيه مصري بدلًا من 5 جنيهات، المادة 22 في حالة التخلف عن التصويت 200 جنيه مصري بدلًا من جنيه واحد، والمادة 39 البند الخاص بطابع دمغة بمبلغ 50 جنيهًا مصريًّا بدلًا من مئة مليم، كذلك المادة 58 المتعلقة بالاشتراكات السنوية، 100 جنيه مصري بدلًا من 4 جنيهات، والمادة 62 البند 3 لصندوق الإعانات والمعاشات مبلغ 200 جنيه مصري بدلًا من 20 جنيهًا، والمادة 75 البند 10 رسم نسبي 3% بدلًا من 2% على العقود الخاصة بالعمل، و1% من حصيلة بيع كافة نوعيات الإنتاج الفني، وذلك بهدف زيادة موارد النقابة المالية.

 

وجاء التعديل الثالث بإضافة المواد؛ 5 مكررًا 1، الخاصة بإنشاء سجل بكل نقابة لتسجيل الورش الفنية ومكاتب تسكين الفنانين (الكاستينج)، وإلزامهم بالحصول على ترخيص من النقابة المختصة نظير مبلغ 1000 جنيه مصري، على أن يجدد الترخيص كل ثلاث سنوات مقابل مبلغ خمس مئة جنيه، كما وضعت المادة عقوبة على من يخالف أحكامها بغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على مئة ألف جنيه.

 

وتحدد اللائحة الداخلية للنقابة المختصة شروط الترخيص وتجديده وإجراءاتهما والغلق الإداري وإيقاف الترخيص ومدته وحالته والتظلم منه، على أن تكون تلك الورش مسجلة بمصلحة الضرائب، ويعاقب بغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على مئة ألف جنيه كل من خالف حكم الفقرة الأولى من تلك المادة، فضلًا عن ذلك غلق المنشأة وتضاعف الغرامة في حالة العود.

كما شمل التعديل إضافة المادة 70 مكررًا، والتي تخول وزير العدل بالاتفاق مع النقيب إصدار قرار بتحديد من لهم صفة الضبطية القضائية حال مخالفة أحكام القانون.

 

كما أضيفت المادة 75 بند 13، والتي استهدفت زيادة الموارد المالية لصندوق الإعانات والمعاشات بإضافة مورد جديد وهو مبلغ جنيه واحد إلى كل تذكرة دخول لدور السينما، المسرح… إلخ، وأعفت من ذلك الدخول إلى العروض والحفلات المبينة بالمادة (6) من القانون 24 لسنة 1999 بفرض ضريبة مقابل دخول المسارح وغيرها من محال الفرجة والملاهي. وتتخذ لتحقيق أهدافها في ضوء المتغيرات الاقتصادية وزيادة موارد الصندوق ليكون أكثر قدرة على تأمين مستقبل أعضاء النقابة ضد أخطار المرض والعجز والشيخوخة.

 

ماذا بعد رفض مشروع القانون

ترى مؤسسة حرية الفكر والتعبير أن رفض مجلس النواب مشروع القانون انتصارًا لحرية الإبداع، خاصة في ظل منح هذه التعديلات الضبطية القضائية لأعضاء من مجلس النقابة، الأمر الذي يقع خارج اختصاص عمل النقابة بوصفها جهة تعمل لصالح أعضائها، كما يضع قيودًا رقابية على عاتق الفنانين والمبدعين.

 

وعلى الرغم من ذلك ترى حرية الفكر كذلك ضرورة إجراء تعديلات على قانون إنشاء النقابات الفنية، وذلك بما يسمح باستيعاب النقابة للتنوع الهائل في الفنون الجديدة وممارسيها خاصة من الشباب، وبما يسمح كذلك بزيادة موارد النقابة وما يترتب على ذلك من تحسين الجانب الخدمي للنقابة والتزاماتها تجاه الأعضاء.

 

ويطرح هذا الأمر تساؤلًا عن مصير مشروع القانون المقدم من الحكومة بعد رفضه. وبموجب اللائحة الداخلية المنظمة لمجلس النواب المصري، فإنه لا يجوز إعادة مشروع بقانون أو بتعديلات قانون قد رفضت في نفس دور الانعقاد، وتنص المادة 171 على أن “كل مشروع قانون رفضه المجلس، لا يجوز تقديمه ثانية فى دور الانعقاد نفسه”، وقد جاءت هذه المادة تطبيقًا للنص الدستوري، حيث تنص المادة 122 من الدستور المصري المعدل في 2019 على نفس الأمر من عدم جواز تقديم قانون رفض في نفس الدورة البرلمانية.

 

وترى مؤسسة حرية الفكر والتعبير أنه على الحكومة احترام رفض السلطة التشريعية لمشروع القانون، خاصة فيما يتعلق بالمادة التي تمنح الضبطية القضائية لأعضاء من مجلس النقابة، وأن عليها إعادة تقديم مشروع التعديلات بقانون في الدورة التشريعية الجديدة، والتي من المنتظر أن تبدأ في أكتوبر 2022.

 

لذا فإنه في سبيل صياغة تعديلات بقانونٍ للنقابات الفنية تضمن وتسمح للفنون الجديدة والمستحدثة بالعمل تحت مظلة الحماية النقابية، ومن أجل تعظيم موارد النقابة بما يسمح بزيادة الدعم للأعضاء بما يفي بالتزامات النقابة، يجب على البرلمان والحكومة عقد سلسلة جلسات لا تشمل مجالس النقابات الفنية وحسب، بل تضم كذلك أفرادًا ومجموعات حقوقية، وممارسي المهنة ممن يعانون من مشاكل في القيد النقابي، مثل مطربي المهرجانات والراب، أو مطربي الإنشاد الديني، والذين أعلنوا رغبتهم في الانفصال عن نقابة المهن الموسيقية، وغيرهم، وكذلك ممثلين من وزارة التضامن الاجتماعي، بحيث يكون قوام هذه اللقاءات ممثلي وممارسي الفنون في مصر.

 

وفى هذا الشأن نصت المادة 77 من الدستور المصري على ضرورة أخذ رأي النقابات المعنية في مشاريع القوانين الخاصة بها: “ينظم القانون إنشاء النقابات المهنية وإدارتها على أساس ديمقراطي، ويكفل استقلالها ويحدد مواردها، وطريقة قيد أعضائها، ومساءلتهم عن سلوكهم فى ممارسة نشاطهم المهني، وفقًا لمواثيق الشرف الأخلاقية والمهنية، ولا تنشأ لتنظيم المهنة سوى نقابة واحدة، ولا يجوز فرض الحراسة عليها أو تدخل الجهات الإدارية فى شؤونها، كما لا يجوز حل مجالس إدارتها إلا بحكم قضائي، ويؤخذ رأيها فى مشروعات القوانين المتعلقة بها”. وكذلك نصت المادة 158 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب على أخذ رأى الجهات والهيئات التي أوجب الدستور أخذ رأيها فى مشروعات القوانين المنظمة لها أو التي تتعلق بمجال عملها.

 

عن أي تعديلات نتحدث؟

لا شك في أن قانون إنشاء النقابات الفنية في مصر بحاجة إلى إعادة نظر، خاصة في ظل الوضع الاقتصادي الحالي، والتغيرات الاجتماعية والسياسية التي طرأت منذ إقراره في 1978، وقد جرى تعديلان على هذا القانون منذ ذلك الحين، الأول أجراه السادات بالقانون رقم 103 لسنة 1987، والثاني أجراه مبارك بالقانون رقم 8 لسنة 2003، وتضمن التعديل الأول إدخال المادة 5 مكرر من القانون، وهي المادة الإشكالية التي توجب الحبس أو الغرامة أو كليهما، كعقوبة لمزاولة المهنة دون تصريح، إضافة إلى تعديلات تتعلق بالنظام الداخلي للنقابة وذلك فيما يتعلق بالجمعية العمومية ومجلس النقابة وإنشاء الاتحاد العام للنقابات الثلاث.

 

أما التعديل الثاني في 2003، فأهم ما جاء فيه هو تحديد مدة الحبس المقررة طبقًا للمادة 5 مكررًا، لتتراوح بين شهر وثلاثة أشهر، إضافة إلى زيادة الغرامة المقررة في المادة نفسها. وقد اعتبر هذا التعديل التفافًا على حكم المحكمة الدستورية في القضية رقم 2 لسنة 15 قضائية، والذي قضى في عام 1997 بعدم دستورية الحبس كجزاء مزاولة المهنة دون تصريح، حيث اكتفى التعديل بتحديد مدة الحبس بعد أن كانت غير مقيدة بمدة، وذلك بدلًا من إلغائها بشكل كامل تماشيًا مع الحكم. وفي عام 2021، صدر حكم مشابه، قضى كذلك بعدم دستورية المادة 5 مكررًا من القانون، وذلك في الدعوى رقم 66 لسنة 31 قضائية.

 

وبناءً عليه، يمكن النظر في تطوير القانون على مستويين، كما يلي:

  • فيما يتعلق بزيادة رسوم النقابة: في سبيل زيادة موارد النقابة، رفع التعديل بقانون مبلغ القيد إلى 1000 جنيه، وإعادة القيد إلى 3000 جنيه، بدلًا من 5 جنيهات لكلٍّ منهما، وترى مؤسسة حرية الفكر والتعبير أن الزيادات المقترحة خاصة فيما يخص بند العضوية لا تتماشى مع متوسط دخل الفرد في مصر، والذي يصل إلى 1700 جنيه في الشهر فقط، إضافة إلى عدم تماشيها مع إيرادات النقابات في مقابل التزاماتها ونفقاتها، خاصة إذا وضعنا في الاعتبار الإمكانيات الأخرى لزيادة موارد النقابة بخلاف زيادة الرسوم، ومن بينها جذب عضوية جديدة إلى النقابة، وتشغيل الأعضاء، وهو ما يوفر موارد للنقابة، وذلك لأن رسم القيد والاشتراكات وشهادة مزاولة المهنة واحدة من أبرز بنود الإيرادات للنقابات، وبالتالي فإن العمل على زيادة تشغيل أعضاء النقابة والانفتاح نحو ضم عضويات سيساهم في تعزيز الموارد. ورغم حاجة النقابة إلى زيادة الرسوم، فإن مؤسسة حرية الفكر والتعبير ترى أن الزيادة التي يطرحها التعديل يجب أن يعاد النظر فيها خاصة فيما يتعلق بالقيد وإعادة القيد.

 

وطبقًا لآخر إصدار سنوي للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2020 فإن إيرادات نقابات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية كانت 23 مليونًا و363 ألف جنيه، و5 ملايين و755 ألفًا، و3 ملايين و708 ألف جنيه على التوالي، بينما كانت مصروفاتهم 23 مليونًا و32 ألف جنيه، و764 ألف جنيه، و24 مليونًا و526 ألف جنيه على التوالي.

 

وقد حققت نقابتا المهن التمثيلية والسينمائية فائضًا في الميزانية وصل إلى 5 ملايين للسينمائيين، وعلى الرغم من أن عضوية نقابة المهن الموسيقية تفوق التمثيلية بأكثر من 1500 عضو، فإن حجم إيرادات التمثيليين يفوق الموسيقيين بأكثر من 19 مليون جنيه، وقد يفسر الأمر أداء نقابة المهن الموسيقية القمعي، والذي يستند إلى المنع أولًا، حيث تمثل إيرادات النقابات من بنود القيد ومزاولة المهنة أحد أهم موارد النقابات المالية.

 

  • فيما يتعلق بمزاولة المهنة دون تصريح: ظلت لسنوات المادة 5 مكررًا من قانون إنشاء النقابات الفنية موضع جدل واسع بين مزاولي المهنة، وعلى الرغم من إعادة صياغتها في جميع التعديلات بقوانين، والتي طرأت على القانون منذ إنشائه، فإنها لا تزال واحدة من أكثر المواد تقييدًا لحرية الإبداع، سواء بفرضها عقوبات سالبة للحرية و/ أو غرامة مالية على مزاولي المهنة دون تصريح، أو بالتعديل الحالي المطروح والذي اكتفى بفرض غرامة مالية ما بين 10 آلاف جنيه و100 ألف جنيه وتضاعف في حال العودة “للمخالفة”.

 

ولا ترتبط أزمة مزاولة المهنة دون تصريح بقانون النقابات الفنية وحسب، لكنها أزمة ممتدة تتعلق بالفرق بين المهني والعمالي، وقد ميز القانون بين وضع النقابات المهنية ووضع النقابات العمالية؛ الأولى طبقًا للقانون عبارة عن أشخاص عامة أو مؤسسات عامة مهنية عهدت إليها الدولة باختصاصها الأصيل في تنظيم شؤون المهنة التي يمارسها الأفراد كمهنة حرة لحسابهم الخاص وتحت مسؤوليتهم ويمنح المشرع هذه النقابات بقانون الشخصية القانونية وبعض السلطات العامة، أي أنها نقابات يجب أن تنشأ بقانون وتهدف إلى تحقيق المصلحة العامة. أما العمالية فهي من أشخاص القانون الخاص، وبالتالي لا تمنحها الدولة سلطات عامة كإرغام الأفراد على الانضمام أو على البقاء، وكما تنشأ وتتكون بإرادة منظميها فقط وليس بقانون، وغيرها فيما يتعلق بحرية التنظيم.

 

وترى مؤسسة حرية الفكر والتعبير أن هناك أزمة تتعلق بالنظر إلى الأعمال الإبداعية والفنية بنفس النظرة إلى العديد من المهن، مثل الأطباء والمهندسين وغيرها من المهن التي قد تؤثر مزاولتها دون تصريح في حياة الأفراد، وهو أمر بعيد عن طبيعة الأعمال الإبداعية والفنية، وقد ساهمت هذه النظرة القاصرة في التضييق على ورقابة محتوى هذه الأعمال، ومنع أفراد من مزاولة المهنة لاعتبارات سياسية أو اجتماعية أو أخلاقية أو لعدم الحصول على تصريح للمزاولة.

 

وعلى الرغم من أهمية الحصول على تصاريح لمزاولة العديد من المهن، فإننا نرى أن مثل هذه الأدوار وإن صحت في بعض المهن، فينبغي أن تتخفف منها النقابات لصالح العمل من أجل أدوارها الأصيلة في الدفاع عن أعضائها، على أن تكون هناك جهة منفصلة تختص باستخراج تصاريح العمل المهنية، وفيما يتعلق بالأعمال الفنية، فإن الإبداع باعتباره موقفًا حرًّا يعبر من خلاله الأشخاص عن ذواتهم فإن ممارسته لا تستلزم هذا النوع من التصاريح، خاصة وأن العديد من المبدعين والفنانين في العالم أصبحت منصات التواصل الاجتماعي هي الوسيلة الأساسية لديهم لنشر أعمالهم، وبالتالي فإن استمرار النقابات الفنية في منح أو منع الأعضاء من مزاولة المهنة، واشتراط مزاولة المهنة بالانضمام إلى التنظيم النقابي، لا يحد من حرية الإبداع وحسب ولكن يعصف بحرية الانضمام والتنظيم.

 

ومن أجل التوافق مع معايير الحرية النقابية، ينبغي أن يتمتع الأعضاء بحق الانضمام أو عدم الانضمام إلى النقابات الفنية، وعلى الرغم من أن التعديل الحالي والذي رفضه البرلمان يعد تطورًا إيجابيًّا لصالح المبدعين، خاصة بعد إلغاء العقوبات السالبة للحرية جراء مزاولة المهنة دون تصريح، فإن توقيع الغرامات المالية ومضاعفتها في حال العودة يظل تضييقًا وقصورًا في فهم الإبداع، ولا يزال يتنافى مع طبيعة التنظيم النقابي، من كونه اختيارًا حرًّا للمنضمين، وليس فرضًا لمزاولة المهنة، وخاصة فيما يتعلق بالفنون.

 

خاتمة

 

لا شك في أن قانون النقابات الفنية بحاجة إلى إعادة النظر، خاصة في ظل التغيرات السياسية والاقتصادية المتلاحقة، لكن مؤسسة حرية الفكر والتعبير ترى أن تعديلات القانون يجب أن تنطلق أولًا من حرية الإبداع باعتبارها موقفًا حرًّا للأفراد، عوضًا عن الانطلاق من التقييد والمنع، وأن تراعي الحكومة والبرلمان وجود تمثيل حقيقي وجاد ومتنوع للأفراد المزاولين للمهنة، وليس مجالس النقابات وحسب، وذلك في سبيل صياغة تعديلات تتماشى مع وتدعم حرية الإبداع الفني، وتضع في اعتبارها ممارسي المهنة ممن منعوا أو وجدوا عقبات في الانضمام إلى التنظيم النقابي.

 

للإشتراك في نشرة مؤسسة حرية الفكر والتعبير الشهرية

برجاء ترك بريدك الالكتروني أدناه.