مياه الأغوار الفلسطينية ومعركة البقاء

مياه نبع فصائل تراجعت بشكل ملحوظ ومنع السكن في محيطها
مياه نبع فصايل تراجعت بشكل ملحوظ (الجزيرة نت)
عوض الرجوب -الأغوار 
  
تحتل منطقة الأغوار أهمية قصوى لدى كل من الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، فبينما تصر إسرائيل على إسقاط المنطقة الغنية بالمياه من أية حلول مستقبلية، تبدي السلطة الفلسطينية مواقف مختلفة بالإصرار على أحقيتها في هذه المنطقة.
 
وتعد المياه والأراضي الخصبة الممتدة شرقا من شمال الضفة الغربية وحتى جنوبها، أبرز دوافع الاحتلال للتمسك بالمنطقة، وفي المقابل يمنع الفلسطينيون من استغلال ثرواتهم والحصول على حقوقهم المائية، ويجبرون على شراء احتياجاتهم من شركة مكوروت الإسرائيلية.
 
وتشير دراسات إلى وجود أكثر من 63 مصدرا للمياه في المنطقة البالغة مساحتها أكثر من 700 ألف دنم، في حين تؤكد مصادر أخرى وجود 169 بئرا، أكثر من ثلثها معطل، وتسيطر إسرائيل على غالبيتها من خلال قواعد عسكرية ومستوطنات.
 

أبو عواد: الاحتلال أجبر تجمعات سكانية بمحيط نبع فصايل على المغادرة (الجزيرة نت)
أبو عواد: الاحتلال أجبر تجمعات سكانية بمحيط نبع فصايل على المغادرة (الجزيرة نت)

ملاحقة وحرمان

ويتعرض سكان التجمعات الفلسطينية المحاذية لمصادر المياه لضغوط هائلة بهدف دفعهم إلى الرحيل، ويمنعون من الحصول على مياه الينابيع، أو نقلها  عبر الصهاريج، دون أن يوفر المحتل بديلا للسكان.
 
ويؤكد الحاج عبد القادر أبو عواد شيخ تجمع راس العوجا، أن الاحتلال أجبر تجمعات سكانية في محيط نبع فصايل شمال أريحا على مغادرة المنطقة، وحذر السكان في محيطها، كما استحدث بئرا قريبة أدت إلى تراجع مياه النبع وجفاف القنوات التي كانت تنقلها لمناطق نائية منذ ألفي عام على الأقل.
 
وفي حديثه للجزيرة نت قال إن الاحتلال أقدم أيضا على حفر بئرين إلى جنوب عين راس العوجا، مما أدى إلى جفافها وحرمان عشرات العائلات القريبة من حقها في المياه، مؤكدا إغلاق كثير من الآبار واستنزاف مياهها بالطريقة ذاتها.
 
وأضاف أن سلطات الاحتلال تلاحق المواطنين الفلسطينيين الذين ينقلون المياه من أماكن  نائية بواسطة الصهاريج وتفرض عليهم الحبس والغرامات، وفي المقابل قامت بتوفير خدمات المياه والكهرباء والبنية التحتية لمستوطن يعمل مزارعا قرب التجمعات العربية المهددة بالترحيل.
 
وأوضح أن معظم الفلسطينيين الذين يقيمون في الأغوار بحاجة ماسة للمياه لأنهم يعملون في الزراعة أو تربية المواشي، وأن القيود المفروضة عليهم وملاحقتهم ومنع المياه عنهم أمور تهدد مستقبلهم، مؤكدا أنه تلقى موافقة بالحصول على اشتراك مياه عام 2000، لكنه لم يحصل عليه حتى الآن.
 

نبع العوجا وقنواته أصابهما الجفاف (الجزيرة نت)
نبع العوجا وقنواته أصابهما الجفاف (الجزيرة نت)

مصادر المياه

وتشير معطيات معهد الدراسات التطبيقية بالقدس(أريج) إلى وجود مصدرين أساسيين لمياه مدينة أريحا والأغوار، الأول مياه سطحية والآخر جوفية، وتقول إن الفلسطينيين محرومون من مياه نهر الأردن الذي تتقاسمه الأردن وإسرائيل.
 
وحسب الدراسات التي أفاد المركز الجزيرة نت بملخصها فإن عددا من الآبار والعيون الموجودة لا تتم الاستفادة منها وبينها:  فصايل والعوجا وواد القلط ونويعمة، إما بسبب السيطرة الإسرائيلية عليها، وإما لمنع الضخ منها ووقوعها تحت مسؤولية شركة المياه الإسرائيلية.
 
وتبين دراسات المعهد أن المستوطنات والمعسكرات الإسرائيلية في الأغوار تقام في مناطق تتوفر فيها مقومات الحياة وأهمها المياه، وقد تكون على آبار فلسطينية أو مجاورة لها.
 
سيطرة إسرائيلية
في السياق نفسه أفادت دراسة ميدانية للباحث عبد الستار شريدة، نشرها في أغسطس/آب الماضي مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والإستراتيجية أن عدد آبار المياه في منطقة الأغوار يبلغ 169 بئرا، منها 111 بئرا عاملة، و58 بئرا غير عاملة.
 
وبينت الدراسة أن سلطات الاحتلال لم تكتف بحرمان الفلسطينيين من حقهم في مياه نهر الأردن التي تبلغ 330 مليون متر مكعب سنويا، بل عمدت إلى مصادرة مصادر المياه المعتمدة على الآبار الارتوازية الزراعية من خلال تخريبها.
 
وأوضحت الدراسة أن الأغوار الشمالية شهدت تخريب وتجفيف تسع آبار مما اضطر المواطنين والمزارعين هناك إلى الانتفاع من مياه شركة المياه الإسرائيلية مكوروت لسد احتياجات الزراعة لكنها تتناقص تدريجيا، حيث بدأت بنحو 2 مليون متر مكعب سنويا في قرية بردلة مثلا عام 1975، وتراجعت إلى 720 ألف متر مكعب عام 2008.
المصدر : الجزيرة